كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 2)

إِحداها: القتال؛ لا يجوز له الانصراف جزمًا؛ لما في ذلك من التخذيل وانهزامهم، وهو (¬1) مفسدة كبيرة.
ومنها: المشتغل بالعلم إِذا أنس من نفسه النجابة، هل يحرم عليه الترك؟
وجهان، أصحهما: لا. واختار القاضي حسين: تحريم الترك (¬2).
ومنها: صلاة الجنازة، وفي لزومها بالشروع وجهان، أصحهما وبه قال الأكثرون: الوجوب (¬3)؛ لأنها في حكم خصلة واحدة، وفي تركها هتك حرمة الميت. ومقتضى كلام الغزالي والرافعي: أن الأصح فيما سوى القتال وصلاة الجنازة من فروض الكفايات أنها لا تتعين بالشروع (¬4).
وينبغي أن يلحق بها غسل الميت وتجهيزه بالنسبة إلى أقاربه، فقد ذكروا وجهين، فى أن الجميع إِذا تركوا، هل إِثمهم على السواء، أو إِثم أقاربه أكثر وأعظم؟ فعلى هذا يتعين على أقاربه بالشروع.
ومنها: الانصراف عن الحرب الواجبة على الكفاية، إِذا بلغه رجوع من يتوقف غزوه على إِذنه، كالوالدين وصاحب الدين (¬5)، وفيه ثلاثة أوجه (¬6)، أصحها: تجب
¬__________
(¬1) ورد الضمير في المخطوطة مؤنثا، وصوابه بالتذكير.
(¬2) ذكر النووي رأى القاضي حسين في: الروضة (10/ 213).
(¬3) أى وجوب إِتمامها.
(¬4) انظر: كلام الرافعي في هذا الشأن في: فتح العزيز، جـ 14: ورقة (129/أ).
ونص كلام الغزالي في هذا الشأن هو: - "والصحيح أن العلم وفروض الكفاية لا تتعين بالشروع، وإن أنس المتعلم الرشد من نفسه، وفي صلاة الجنازة خلاف، والجهاد إِنما يحرم فيه النزوع لما فيه من التخذيل" الوجيز (2/ 188).
(¬5) أى إِذا بلغه الرجوع عن الإذن بعد الشروع في القتال، أنظر: روضة الطالبين (10/ 212).
(¬6) نهاية الورقة رقم (34).

الصفحة 6