كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

عَسْكَر حلب مَعَ الْمُعظم توران شاه فَانْهَزَمَ الحلبيون هزيمَة قبيحة، وَقتل مِنْهُم خلق مِنْهُم الصَّالح بن الْأَفْضَل بن صَلَاح الدّين وَأسر الْملك الْمُعظم مقدم الْجَيْش وَغَيره وَقتلُوا بَعضهم ليفدي الْبَاقُونَ أنفسهم، ثمَّ نزلُوا جيلان ونهبوا فِي بِلَاد حلب، وَوَقع الجفيل إِلَى حلب وارتكبت الخوارزمية من الزِّنَى وَالْفَوَاحِش وَالْقَتْل مَا ارْتَكَبهُ التتر ثمَّ سَارُوا إِلَى منبج وهجموها بِالسَّيْفِ يَوْم الْخَمِيس لتسْع بَقينَ من ربيع الأول مِنْهَا، وفتكوا قتلا ونهباً وفاحشة وخربوا بلد حلب وعادوا إِلَى بِلَادهمْ حران وَمَا مَعهَا، ثمَّ أَنهم عبروا الْفُرَات من الرقة إِلَى الحبول إِلَى تل أعرن إِلَى سرمين إِلَى المعرة وهم ينهبون، وجفل مِنْهُم النَّاس وَسَار صَاحب حمص الْملك الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم بن شيركوه بعسكر من عَسْكَر الصَّالح بِدِمَشْق نجدة لحلب وقصدوا هم والحلبيون الخوارزمية، واستمرت الخوارزمية تنهب حَتَّى نازلوا شيزر وَنزل عَسْكَر حلب على تل سُلْطَان.
ثمَّ قصد الخوارزمية جِهَة حماه بِلَا نهب لانتماء المظفر بهَا إِلَى الصَّالح أَيُّوب ثمَّ سَارُوا إِلَى سلمية، ثمَّ الرصافة يقصدون الرقة.
وَسَار عَسْكَر حلب من تل سُلْطَان إِلَيْهِم ولحقتهم الْعَرَب فَتركت الخوارزمية المكاسب والأسرى، ووصلوا إِلَى الْفُرَات فِي أَوَاخِر شعْبَان مِنْهَا ولحقهم الحلبيون وَصَاحب حمص قَاطع صفّين، فَعمل الخوارزمية ستائر وقاتلوا إِلَى اللَّيْل فعبروا الْفُرَات إِلَى حران فَسَار الحلبيون إِلَى البيرة وعبروا الْفُرَات وقصدوهم فَاقْتَتلُوا قرب الرها لتسْع بَقينَ من رَمَضَان مِنْهَا، فَانْهَزَمَ الخوارزمية وتبعهم الْمُسلمُونَ قتلا وأسراً حَتَّى حَال اللَّيْل.
ثمَّ سَار الْمُسلمُونَ فاستولوا على حران، وهرب الخوارزمية إِلَى بلد عانة، وبادر لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل إِلَى نَصِيبين ودارا وهما للخوارزمية، فاستولى عَلَيْهِمَا وخلص من بهما من الأسرى وَمِنْهُم الْملك الْمُعظم توران شاه بن النَّاصِر صَلَاح الدّين أَسِيرًا من حِين كسرة الحلبيين فَحَمله لُؤْلُؤ إِلَى الْموصل وَقدم لَهُ تحفاً وَبعث بِهِ إِلَى عَسْكَر حلب.
وَاسْتولى عَسْكَر حلب على الرقة وسروج والرها وَرَأس عين وَمَا مَعهَا، وَاسْتولى صَاحب حمص الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم على بلد الخابور، ثمَّ سَار عَسْكَر حلب وَوصل إِلَيْهِم نجدة من الرّوم وحاصروا الْملك الْمُعظم بن الْملك الصَّالح بآمد وتسلموها مِنْهُ وَتركُوا لَهُ حصن كيفا وقلعة الْهَيْثَم، وَلم يزل ذَلِك بِيَدِهِ حَتَّى توفّي أَبوهُ الصَّالح أَيُّوب بِمصْر، وَسَار إِلَيْهَا الْمُعظم الْمَذْكُور، وَبَقِي ابْن الْمُعظم الْملك الموحد عبد الله بن الْمُعظم توران شاه بن الصَّالح أَيُّوب بن الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب مَالِكًا لحصن كيفا إِلَى أَيَّام التتر وطالت مدَّته بهَا.
وفيهَا: هلك الْجواد يُونُس بن مودود بن الْعَادِل، وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد استولى بعد ملك دمشق على سنجار وعانة، فَبَاعَ عانة من الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر، وحاصر لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل سنجار، وَاسْتولى عَلَيْهَا فِي غيبَة يُونُس عَنْهَا، وَلم يبْق بيد يُونُس من الْبِلَاد شَيْء فَسَار على

الصفحة 166