كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَترك ابنيه الصغيرين ركن الدّين وَعز الدّين، ثمَّ هرب عز الدّين إِلَى قسطنطينية وَبَقِي ركن الدّين ملكا يُطِيع التتر وَتَحْت حكمهم وَالْحَاكِم البرواناه معِين الدّين سُلَيْمَان. والبرواناه بالعجمي الْحَاجِب ثمَّ قتل البرواناه ركن الدّين وَأقَام فِي الْملك ابْنا لَهُ صَغِيرا.
وفيهَا: تراسل الصالحان أَيُّوب صَاحب مصر، وَإِسْمَاعِيل صَاحب دمشق فِي الصُّلْح وَأَن يُطلق الصَّالح إِسْمَاعِيل المغيث فتح الدّين عمر بن الْملك الصَّالح أَيُّوب وحسام الدّين أَبَا عَليّ الهدباني وَكَانَا معتقلين عِنْد الصَّالح إِسْمَاعِيل فَأطلق حسام الدّين ابْن أبي عَليّ وجهزه إِلَى مصر، وَاسْتمرّ المغيث فِي الاعتقال وَاتفقَ الصَّالح إِسْمَاعِيل مَعَ النَّاصِر دَاوُد، واعتضدا بالفرنج، وسلما إِلَيْهِم طبرية وعسقلان فعمر الفرنج قلعتيهما، وسلما إِلَيْهِم أَيْضا الْقُدس بِمَا فِيهِ من المزارات.
قَالَ القَاضِي جمال الدّين بن وَاصل: ومررت إِذْ ذَاك بالقدس وَقد جعلُوا على الصَّخْرَة قناني الْخمر للقربان.
قلت: وَفِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين قتل قَاضِي دمشق الرقيع الجيلي أهلك سرا لقلَّة دينه ولأخذه أَمْوَال النَّاس بالتزوير أَقَامَ شُهُود زور وأناساً يدعونَ على الرجل المتمول الْمبلغ من المَال فينكر وَيحلف فيحضر الْمُدَّعِي شُهُوده الكذبة فَيلْزمهُ بِالْمَالِ فَيَصِيح ويستغيث فَيَقُول الجيلي: اخْرُج على رِضَاء غريمك، وعامل الْوَزير على ذَلِك حَتَّى خرب ديار النَّاس إِلَى أَن قصمه الله تَعَالَى، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة: فِيهَا وصلت الخوارزمية إِلَى غَزَّة باستدعاء الصَّالح أَيُّوب ليعضدوه على عَمه الصَّالح إِسْمَاعِيل وَسَارُوا على حارم والروج إِلَى أَطْرَاف بِلَاد دمشق حَتَّى وصلوا غَزَّة، وَوصل إِلَيْهِم عدَّة كَثِيرَة من العساكر المصرية مَعَ ركن الدّين بيبرس مَمْلُوك الْملك الصَّالح أَيُّوب وَهُوَ الَّذِي دخل مَعَه الْحَبْس فِي الكرك، وَأرْسل الصَّالح إِسْمَاعِيل عَسْكَر دمشق مَعَ الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم بن شيركوه صَاحب حمص، وَسَار صَاحب حمص جَرِيدَة وَدخل عكا واستدعى الفرنج على مَا وَقع الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَوَعدهمْ بِجُزْء من بِلَاد مصر فَخرجت الفرنج بالفارس والراجل واجتمعوا أَيْضا بِصَاحِب حمص وعسكر دمشق والكرك وَلم يحضر النَّاصِر دَاوُد ذَلِك، والتقى الْجَمْعَانِ بِظَاهِر غَزَّة فولى عَسْكَر دمشق وَصَاحب حمص والفرنج منهزمين، وتبعهم عَسْكَر مصر والخوارزمية يقتلُون، وَاسْتولى الصَّالح أَيُّوب صَاحب مصر على غَزَّة والسواحل والقدس.
ووصلت الأسرى والرؤوس إِلَى مصر، ثمَّ أرسل صَاحب مصر بَاقِي عسكره مَعَ معِين الدّين بن الشَّيْخ فَاجْتمع عَلَيْهِ من بِالشَّام من عَسْكَر مصر والخوارزمية وحاصروا دمشق بهَا الصَّالح إِسْمَاعِيل وَصَاحب حمص إِبْرَاهِيم، وَخرجت السّنة وهم محاصروها.
وفيهَا: توفّي الْملك المظفر صَاحب حماه تَقِيّ الدّين مَحْمُود بن الْملك الْمَنْصُور مُحَمَّد بن المظفر تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب يَوْم السبت ثامن جُمَادَى الأولى

الصفحة 169