كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَملك حماه خمس عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام مرض مِنْهَا بالفالج سنتَيْن وكسراً، وعاش ثَلَاثًا وَأَرْبَعين سنة.
وَكَانَ شهماً فطناً يحب الْعلم وَأَهله استخدم الشَّيْخ علم الدّين قَيْصر الْمَعْرُوف بتعاسيف المهندس الْفَاضِل فِي الرياضي فَبنى لَهُ أبراجاً بحماه وطاحوناً على العَاصِي، وَعمل لَهُ كرة من الْخشب مدهونة رسم فِيهَا جَمِيع الْكَوَاكِب المرصودة، قَالَ ابْن وَاصل: وساعدته على عَملهَا.
وَملك بعد المظفر ابْنه الْملك الْمَنْصُور وَعمرَة عشر سِنِين وَشهر وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وَقَامَ بتدبيره سيف الدّين طغرل بك المظفري، وشاركه شيخ الشُّيُوخ شرف الدّين عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد والطواشي مرشد والوزير بهاء الدّين بن التَّاج والمرجع إِلَى وَالِدَة الْمَنْصُور غازنة خاتون بنت الْكَامِل.
وفيهَا: توفّي الْملك المغيث عمر فِي حبس الصَّالح إِسْمَاعِيل صَاحب دمشق فَاشْتَدَّ وَالِده الصَّالح أَيُّوب على الصَّالح إِسْمَاعِيل حنقاً.
وفيهَا: توفّي المظفر غَازِي بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب صَاحب ميافارقين وَملك بعده ابْنه الْكَامِل نَاصِر الدّين مُحَمَّد.
وفيهَا: توجه الشَّيْخ تَاج الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن نصر الله من بني المغيزل رَسُولا إِلَى الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد بتقدمة من الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماه.
وفيهَا: توفّي القَاضِي شهَاب الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّافِعِي الْمَعْرُوف بِابْن أبي الدَّم قَاضِي حماه توجه رَسُولا إِلَى بَغْدَاد فَمَرض بالمعرة وَعَاد مَرِيضا فَمَاتَ بحماه، وَهُوَ مؤلف التَّارِيخ الْكَبِير المظفري وَغَيره.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وسِتمِائَة: فِيهَا سير الصَّالح إِسْمَاعِيل وزيره الْغَالِب على راية أَمِين الدولة، كَانَ سامرياً وَأسلم إِلَى الْخَلِيفَة ليشفع فِي الصُّلْح بَينه وَبَين ابْن أَخِيه فَأبى الْخَلِيفَة ذَلِك.
وفيهَا: تسلم عَسْكَر الصَّالح أَيُّوب ومقدمهم معِين الدّين بن الشَّيْخ دمشق من الصَّالح إِسْمَاعِيل بن الْعَادِل، وَكَانَ محصوراً مَعَه بهَا إِبْرَاهِيم بن شيركوه صَاحب حمص فَسلم دمشق لتستقر بيد إِسْمَاعِيل بعلبك وَبصرى والسواد وتستقر بيد صَاحب حمص حمص وَمَا مَعهَا فأجابهما ابْن الشَّيْخ إِلَى ذَلِك، وَوصل إِلَى دمشق حسام الدّين بن أبي عَليّ بِمن مَعَه من عَسْكَر مصر، وَبعد تَسْلِيمهَا توفّي بهَا ابْن الشَّيْخ، وَبَقِي حسام الدّين بن أبي عَليّ نائبها للصالح أَيُّوب.
وَكَانَ الخوارزمية يطْعمُون أَن يحصل لَهُم بِفَتْح دمشق إقطاعات تكفيهم، فَلَمَّا لم يحصل لَهُم ذَلِك صَارُوا مَعَ الصَّالح إِسْمَاعِيل وانضم إِلَيْهِم النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك

الصفحة 170