كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

(وكل من كَانَ مُطيعًا لَهُم ... أصبح مَسْرُورا بلقياهم)

(قلت فلي ذَنْب فَمَا حيلتي ... بِأَيّ وَجه أتلقاهم)

(قَالُوا أَلَيْسَ الْعَفو من شَأْنهمْ ... لَا سِيمَا عَمَّن ترجاهم)

وَالله أعلم.
وفيهَا: بحلب توفّي الشَّيْخ موفق الدّين أَبُو الْبَقَاء يعِيش بن مُحَمَّد ابْن عَليّ الْموصِلِي الْحلَبِي المولد والمنشأ النَّحْوِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الصَّائِغ، كَانَ ظريفاً محاضراً شرح الْمفصل غَايَة وَله غَيره، ومولده فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين وَخَمْسمِائة وَدفن بالْمقَام.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة: كسر الخوارزمية على الْقصب.
وفيهَا: اتّفق الحلبيون وَصَاحب حمص الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم وَسَارُوا مَعَ الصَّالح أَيُّوب بن الْكَامِل وقصدوا الخوارزمية والصالح إِسْمَاعِيل والناصر دَاوُد وهم محاصرون لدمشق، فرحلت الخوارزمية عَنْهَا إِلَى الحلبيين وَصَاحب حمص والتقوا على الْقصب فَانْهَزَمَ الخوارزمية هزيمَة تشتتوا بعْدهَا، وَقتل مقدمهم حسام الدّين بركَة خَان وَحمل رَأسه إِلَى حلب، وَلحق كشلوخان فِي طَائِفَة مِنْهُم بالتتر وخدم مِنْهُم جمَاعَة فِي الشَّام مُتَفَرّقين وَكفى الله النَّاس شرهم، وَبلغ ذَلِك الصَّالح أَيُّوب بِمصْر فدق البشائر وَرَضي عَن صَاحب حمص.
وَسَار الصَّالح إِسْمَاعِيل إِلَى الْملك النَّاصِر يُوسُف صَاحب حلب واستجار بِهِ فَأرْسل الصَّالح أَيُّوب يَطْلُبهُ فَمَا سلمه إِلَيْهِ، وَلما جرى ذَلِك نَازل حسام الدّين بن أبي عَليّ بِمن عِنْده من عَسْكَر دمشق بعلبك وَبهَا أَوْلَاد الصَّالح إِسْمَاعِيل وتسلمها بالأمان، وَأرْسل أَوْلَاد الصَّالح إِسْمَاعِيل فاعتقلهم الصَّالح أَيُّوب بِمصْر، وَكَذَلِكَ اعتقل أَمِين الدولة وَزِير الصَّالح إِسْمَاعِيل وأستاذ دَاره نَاصِر الدّين يغمور وزينت الْقَاهِرَة ومصر لفتح بعلبك، وَاتفقَ فِي هَذِه الْأَيَّام وَفَاة صَاحب عجلون سيف الدّين قلج فتسلم الصَّالح أَيُّوب عجلون أَيْضا.
ثمَّ أرسل الْملك الصَّالح عسكراً مَعَ الْأَمِير فَخر الدّين يُوسُف بن الشَّيْخ، وَكَانَ فَخر الدّين قد اعتقله الْعَادِل أَبُو بكر بن الْكَامِل، وَلما ملك الصَّالح أَيُّوب أطلقهُ ولازم بَيته مُدَّة، ثمَّ قدمه فِي هَذِه السّنة، وجهزه إِلَى حَرْب النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك، فاستولى على جَمِيع بِلَاد النَّاصِر، وَولي عَلَيْهَا، وحاصر الكرك، وَخرب ضياعها، وأضعف النَّاصِر عَظِيما بِحَيْثُ لم يبْق لَهُ سوى الكرك.
وفيهَا: حبس الصَّالح أَيُّوب مَمْلُوكه بيبرس صَاحبه فِي اعتقاله بالكرك لميل بيبرس إِلَى الخوارزمية وَإِلَى النَّاصِر دَاوُد ولكونه صَار مَعَهم لما جرده إِلَى غَزَّة كَمَا تقدم، فَأرْسل أستاذه الصَّالح أَيُّوب إِلَيْهِ واستماله فوصل إِلَيْهِ فاعتقله، فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ.
وفيهَا: أرسل الْملك الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم صَاحب حمص وَطلب دستوراً من الصَّالح أَيُّوب ليصل إِلَى خدمته.
وَكَانَ قد حصل لإِبْرَاهِيم سل وَسَار على تِلْكَ الْحَالة من حمص قَاصِدا مصر وَقَوي بِهِ

الصفحة 172