كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

قلت: وَفِيه يَقُول بَعضهم:
(لم يحبس الشَّيْخ خضر بعد منقصة ... مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ ذَنْب إِلَى أحد)

(لكنه كَانَ كالسلطان منزلَة ... وَهل رأى النَّاس سلطانين فِي بلد)

وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة: فِيهَا ملك يَعْقُوب بن عبد الْحق بن محيو بن حمامة المريني مَدِينَة سبتة وقبيلة بني مرين يُقَال لَهَا حمامة من قبائل الْعَرَب بالمغرب كَانَ مقامهم بالريف القبلي من إقليم تازة أول أَمرهم أَنهم خَرجُوا عَن طَاعَة بني عبد الْمُؤمن لما اخْتَلَّ أَمرهم، وملكوا فاس مِنْهُم سنة بضع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة، وَأول من أشتهر مِنْهُم أَبُو بكر بن عبد الْحق المريني، وَبعد ملكه فاس سَار إِلَى جِهَة مراكش وضايق بني عبد الْمُؤمن حَتَّى توفّي أَبُو بكر الْمَذْكُور سنة ثَلَاث وَخمسين وسِتمِائَة.
وَملك بعده أَخُوهُ يَعْقُوب وَملك مراكش من أبي دوس، وَاسْتمرّ حَتَّى ملك سبتة هَذِه السّنة.
وَملك بعده ابْنه يُوسُف، وكنيته أَبُو يَعْقُوب، وَاسْتمرّ حَتَّى قتل سنة سِتّ وَسَبْعمائة.
وفيهَا: وصل الْملك الظَّاهِر بعساكره إِلَى دمشق.
وفيهَا: عَاد عمر بن مخلول أحد أُمَرَاء الْعَرَب إِلَى الْحَبْس بعجلون، كَانَ الظَّاهِر حَبسه بهَا مُقَيّدا فهرب إِلَى التتر ثمَّ أَمنه الظَّاهِر على أَن يعود، وَيَضَع الْقَيْد فِي رجله كَمَا كَانَ فَفعل فعفى عَنهُ.
وفيهَا: قويت أَخْبَار التتر وجفل النَّاس.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الأولى بِدِمَشْق فِي الجفلة ولد الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى السُّلْطَان الْملك الْمُؤَيد إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب بدار الزنجيلي.
وفيهَا: توفّي الشَّيْخ جمال الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله بن مَالك الطَّائِي الجياني النَّحْوِيّ وعمره اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سنة، وَله فِي النَّحْو واللغة مصنفات كَثِيرَة مَشْهُورَة.
قلت: مِنْهَا تسهيل الْفَوَائِد وَفِيه نَحْو كثير وَشَرحه وَمَات وَلم يكمل شَرحه وكمله الشَّيْخ أثير الدّين أَبُو حَيَّان المغربي نزيل مصر وَمِنْهَا الْعُمْدَة وَهِي جَيِّدَة لَكِنَّهَا تنقص أبواباً، وَشَرحهَا المُصَنّف فأجاد، وَمِنْهَا الْخُلَاصَة الألفية فِي النَّحْو أَيْضا، وَشَرحهَا ابْنه الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد شرطا حسنا، وَكَانَ يَقُول على مَا بَلغنِي مَا زَالَ وَالِدي يخبط حَتَّى نظم الْخُلَاصَة.
وَمِنْهَا قصيدة فِي الْقرَاءَات على طَريقَة الشاطبي وَلم تشتهر، وَمِنْهَا كتاب المثلث فِي اللُّغَة وَيدل على اطلَاع عَظِيم، ثمَّ نظمه نظماً حسنا، وَله غير ذَلِك، وَأَخْبرنِي شَيخنَا قَاضِي

الصفحة 215