كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

بشعار السلطنة والغاشية السُّلْطَانِيَّة، وَسَار مَعَه الْأُمَرَاء ومقدمو العساكر من دَاره الحافظة دَاخل بَاب الفراديس إِلَى أَن وصل قلعة دمشق ومشت الْأُمَرَاء فِي خدمته وَدخل إِلَى خدمَة السُّلْطَان فَأكْرمه وَأَجْلسهُ إِلَى جَانِبه على الطراحة وَقَالَ: أَنْت وَلَدي أعز من الْملك الصَّالح عِنْدِي فَتوجه إِلَى بلادك وتأهب لهَذِهِ الْغُزَاة الْمُبَارَكَة فَأنْتم من بَيت مبارك مَا حضرتم فِي مَكَان إِلَّا وَكَانَ النَّصْر مَعكُمْ، فَعَاد المظفر وَعَمه إِلَى حماه، وتأهبا للمسير إِلَى خدمَة السُّلْطَان ثَانِيًا.
وفيهَا: نَازل السُّلْطَان الْمَنْصُور بعد وُصُوله دمشق حصن المرقب فِي أَوَائِل ربيع الأول وَهُوَ حصن الاستبار عَجِيب فِي الْعُلُوّ والحصانة لم يطْمع أحد من الْمُلُوك الماضين فِيهِ، ونصبت عَلَيْهِ المجانيق وحضره الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى وعمره نَحْو اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَهُوَ أول قتال رَآهُ وَكَانَ مَعَ وَالِده وَلما تمسكنت النقوب طلبُوا الْأمان فَأَمنَهُمْ رَغْبَة فِي بَقَاء عِمَارَته وحملوا مَا قدرُوا عَلَيْهِ غير السِّلَاح وصعدت إِلَيْهِ الصناجق السُّلْطَانِيَّة وتسلمه فِي ثامنة نَهَار الْجُمُعَة تَاسِع عشر ربيع الأول مِنْهَا وَأخذ مِنْهُ الثأر من بَيت الاستبار ومحيت آيَة اللَّيْل بِآيَة النَّهَار وَألْحق أَهله بمأمنهم ثمَّ عَاد إِلَى أَن نزل بحيرة حمص وَهِي بحيرة قدس.
وفيهَا: ولد مَوْلَانَا السُّلْطَان الْأَعْظَم الْملك النَّاصِر: نَاصِر الدُّنْيَا وَالدّين مُحَمَّد بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون وَأمه بنت سكتاي بن قراجن بن جنعان وسكتاي ورد إِلَى مصر هُوَ وَأَخُوهُ قرمشي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة صُحْبَة بنجار الرُّومِي فِي دولة الظَّاهِر.
وَتزَوج السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون ابْنة سكتاي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة بعد موت أَبِيهَا بِولَايَة عَمها قرمشي وَبشر بِهِ وَالِده على بحيرة حمص، وَقد عَاد من فتح المرقب.
وفيهَا: عَاد السُّلْطَان إِلَى مصر.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا سَار حسام الدّين طرنطاي بعسكر من مصر بِأَمْر السُّلْطَان فحاصر الكرك وتسلمها بالأمان وَعَاد وصحبته صَاحب الكرك جمال الدّين خضر وَبدر الدّين سلامش ابْن الْملك الظَّاهِر فأكرمهما السُّلْطَان، ثمَّ بلغه مَا كرهه عَنْهُمَا فاعتقلهما حَتَّى توفّي، فَنقل خضر وسلامش إِلَى قسطنطينية.
وفيهَا: سَار السُّلْطَان فقرر أُمُور الكرك ثمَّ عَاد.
وفيهَا: توفّي ركن الدّين أباجي الْحَاجِب.
قلت: وَفِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة توفّي الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد الْبكْرِيّ الشريشي شيخ الناصرية وَله أَربع وَثَمَانُونَ سنة وسلطان مراكش وفاس أَبُو يُوسُف يَعْقُوب بن عبد الْحق المريني.
وَكَانَ شجاعاً خرج على أبي دبوس فَقتله أَبُو يُوسُف، فاستولى على الْمغرب ودولته عشرُون سنة.

الصفحة 226