كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَقَامَ بعده ابْنه وقاضي الْقُضَاة بهاء الدّين يُوسُف بن قَاضِي الْقُضَاة محيي الدّين يحيى بن الزكي الْقرشِي الدِّمَشْقِي وَله خمس وَأَرْبَعُونَ سنة وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا حاصر حسام الدّين طرنطاي نَائِب السلطنة صهيون بعد فتح الكرك فِي آخر السّنة الْمَاضِيَة وضايق صهيون بالحصار والمجانيق ثمَّ تسلمها بالأمان من سنقر الْأَشْقَر وَحلف لَهُ، ثمَّ سَار إِلَى اللاذقية وفيهَا برج للفرنج يُحِيط بِهِ الْبَحْر فَعمل طَرِيقا إِلَيْهِ وحاصره وتسلمه بالأمان وهدمه وَلما عَاد سنقر الْأَشْقَر صُحْبَة طرنطاي إِلَى مصر أكْرمه السُّلْطَان إِلَى أَن توفّي السُّلْطَان فَكَانَ مَا سَيذكرُ.
وفيهَا: نزل تدان منكو بن طغان بن باطو بن دوشي بن جنكيز خَان عَن مملكة التتر بالبلاد الشمالية متزهداً مُنْقَطِعًا إِلَى الصلحاء وَأَشَارَ أَن يملكُوا ابْن أَخِيه تَلا بغاين منكو بن طغان.
وفيهَا: أرسل السُّلْطَان عسكراً مَعَ علم الدّين سنجر المسروري الْخياط مُتَوَلِّي الْقَاهِرَة إِلَى النّوبَة فغزوا وغنموا وعادوا.
وفيهَا: توفّي بدر الدّين تتليك الأيدمري.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا توفّي الْملك الصَّالح عَلَاء الدّين عَليّ بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون بالدوسنطاريا، وَكَانَ ولي عهد أَبِيه وَترك ابْنا اسْمه مُوسَى.
قلت: وفيهَا توفّي بِمصْر الزَّاهِد الْقدْوَة الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن معضاد الجعبري وَله ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة وَشَيخ الْأَطِبَّاء عَلَاء الدّين عَليّ بن أبي الْجَزْم بن النفيس الْقرشِي الدِّمَشْقِي بِمصْر صَاحب التصانيف طَبِيب فَقِيه أصولي مُحدث نحوي منطقي وقف أملاكه وَكتبه على المارستان المنصوري وَالشَّيْخ برهَان الدّين النَّسَفِيّ شيخ الفلسفة بِبَغْدَاد واسْمه مُحَمَّد بن مُحَمَّد فِي عشر التسعين وَالشَّيْخ ياسين المغربي الْحجام الْأسود.
وَكَانَ جرائحياً على بَاب الْجَابِيَة وَله كشف، وَكَانَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله يزوره ويتلمذ لَهُ وَالله أعلم كل ذَلِك فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة: فِيهَا فِي أول ربيع الآخر فتحت طرابلس الشَّام وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان سَار من مصر ونازلها يَوْم الْجُمُعَة مستهل ربيع وَالْبَحْر مُحِيط بغالبها، وَنصب المجانيق وجد وَشد حَتَّى فتحهَا يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع ربيع الآخر مِنْهَا بِالسَّيْفِ وهرب أَهلهَا إِلَى المينا فنجى أقلهم فِي المراكب وَقتل غَالب رجالها وسبيت ذَرَارِيهمْ وغنم الْمُسلمُونَ مِنْهَا عَظِيما وَحضر ذَلِك الْمُؤلف رَحمَه الله مَعَ الْأَفْضَل وَالِده والمظفر عَمه، ثمَّ دكها السُّلْطَان إِلَى الأَرْض، وَكَانَ فِي الْبَحْر قَرِيبا مِنْهَا كَنِيسَة فِي جَزِيرَة تسمة كَنِيسَة سنطماس وَبَينهَا وَبَين طرابلس المينا، وهرب من طرابلس إِلَيْهَا عَالم عَظِيم من الفرنج، فاقتحم الْعَسْكَر الْبَحْر بِالْخَيْلِ سبْحَة إِلَيْهَا، وَقتلُوا من بهَا من الرِّجَال وَسبوا الصغار وَالنِّسَاء وَالْمَال، ثمَّ هدمت أَيْضا وَعَاد السُّلْطَان إِلَى مصر وَكَانَت الفرنج قد استولت على طرابلس

الصفحة 227