كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

المظفر وَالْأَفْضَل فِي خدمته إِلَى المشهد، ثمَّ إِلَى الْحمام والزرقا بالبرية فصاد كثيرا.
وَأما العساكر فسارت على السِّكَّة إِلَى حلب وَوصل السُّلْطَان إِلَى حلب وَتوجه مِنْهَا إِلَى قلعة الرّوم ونازلها فِي الْعشْر الأول من جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا وضايقها وَشهد الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى ذَلِك، وَنصب المجانيق ودام الْحصار حَتَّى فتحت بِالسَّيْفِ يَوْم السبت حادي عشر رَجَب مِنْهَا وَقتل أَهلهَا وَنهب ذَرَارِيهمْ، واعتصم كتبا غيلوس خَليفَة الأرمن الْمُقِيم بهَا وَغَيره فِي القلعة، ثمَّ طلبُوا الْأمان فَأَمنَهُمْ على أَرْوَاحهم خَاصَّة وَأَن يَكُونُوا أسرى عَن آخِرهم.
ورتب السُّلْطَان الشجاعي علم الدّين سنجر لتحصينها وإصلاحها وَعَاد فصَام وَعِيد بِدِمَشْق وَسَار إِلَى مصر.
قلت: وفيهَا مَاتَ صَاحب ماردين الْملك المظفر قره أرسلان بن إيلغازي ودولته ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة وَله ذكاء ونباهة وَالله أعلم.
وفيهَا: هرب حسام الدّين لاجين الَّذِي كَانَ نَائِب دمشق لما وصل السُّلْطَان عَائِدًا من قلعة الرّوم، وَكَانَ قد اعتقله على حِصَار عكا، ثمَّ أفرج عَنهُ فِي أَوَائِل هَذِه السّنة وَعَاد مَعَ السُّلْطَان من قلعة الرّوم إِلَى دمشق، فاستوحش فهرب إِلَى الْعَرَب فقبضوه وأحضروه إِلَى السُّلْطَان فَبعث بِهِ فحبس فِي قلعة الْجَبَل.
وفيهَا: استناب السُّلْطَان بِدِمَشْق عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ وعزل الشجاعي.
وفيهَا: عِنْد عوده من قلعة الرّوم عزل بحلب نائبها قره سنقر المنصوري وَصَحبه مَعَه وولاها سيف الدّين بلبان الطباخي، وَكَانَ نَائِب الفتوحات ومقامه بحصن الأكراد فولى بهَا مَكَانَهُ طغرل بك الإيغاني ثمَّ عَزله بعد مُدَّة وولاها عز الدّين أيبك الخزينة دَار المنصوري وَلما وصل مصر قبض على سنقر الْأَشْقَر وجرمك وَكَانَ قبض طقصو بِدِمَشْق فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ.
قلت: وفيهَا الْملك الْأَشْرَف نَازل على معرة النُّعْمَان مُتَوَجها إِلَى قلعة الرّوم كَانَ مولدِي، وَاتفقَ أَن أهل المعرة رفعوا قصصاً إِلَى السُّلْطَان الْأَشْرَف يسألونه إبِْطَال الخمارة بهَا فَأمر بإبطالها وَخَربَتْ فِي تِلْكَ السَّاعَة أحسن الله الْعَاقِبَة وَختم بِخَير آمين وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا طلب الْملك الْأَشْرَف المظفر صَاحب حماه وَالْملك الْأَفْضَل عليا إِلَى مصر على الْبَرِيد فوصلا مصر ثامن يَوْم خروجهما وجلين فأنعم عَلَيْهِمَا، ثمَّ سَار وهما صحبته على الهجين إِلَى جِهَة الكرك والعساكر سائرة على الطَّرِيق إِلَى دمشق، ثمَّ قدم دمشق ثمَّ سَار على الْبَريَّة متصيداً وَوصل الفرقلس وَهُوَ جفار فِي طرف حمص مشرقاً فَحَضَرَ إِلَيْهِ هُنَاكَ مهنا بن عِيسَى أَمِير الْعَرَب وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَفضل ومُوسَى بن مهنا فَقبض على الْجَمِيع وأرسلهم فحبسوا بِمصْر فِي قلعة الْجَبَل وَعَاد السُّلْطَان إِلَى مصر.

الصفحة 230