كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة سَار الْملك الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ بن المظفر مَحْمُود بن الْمَنْصُور مُحَمَّد بن المظفر تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب من حلب إِلَى دمشق، وَتُوفِّي بهَا فِي أَوَائِل ذِي الْحجَّة مِنْهَا، ومولده أَوَاخِر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة، وَسبب مسيرَة أَن الْأَفْضَل أعجب الْأَشْرَف خبرته فِي الفهود وَالصَّيْد وهم على الكرك، فَلَمَّا سَار المظفر وَالْأَفْضَل إِلَى حلب وَمَعَهَا بعض الْعَسْكَر الْمصْرِيّ لإرهاب الْعَدو بِأَمْر الْأَشْرَف وصل مرسوم الْملك الْأَشْرَف بِطَلَب الْأَفْضَل ليصبه فِي الصَّيْد، فَسَار وَلم يستصحب أحدا من أَوْلَاده، وَكَانُوا ثَلَاثَة مجردين بحلب مَعَ المظفر فَمَرض وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَنقل إِلَى حماه واشتمل المظفر على أَوْلَاده وَأحسن إِلَيْهِم.
وفيهَا: أفرج الْملك الْأَشْرَف عَن بدر الدّين البيسري بعد اعتقال نَحْو ثَلَاث عشرَة سنة، وَعَن حسام الدّين لاجين المنصوري.
وفيهَا: أَعْطَيْت العساكر الدستور، وَأعْطى الْملك المظفر صَاحب حماه ابْن عمَّة الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى إمرة طبلخانات وَأَرْبَعين فَارِسًا.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا فِي أَوَائِل الْمحرم قتل الْملك الْأَشْرَف صَلَاح الدّين خَلِيل بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور قلاوون وَذَلِكَ أَنه وصل إِلَى تروجة للصَّيْد وَنصب الدهليز عَلَيْهَا وَركب فِي نفر يسير فقصده مماليك أَبِيه وهم بيدرا نَائِب السلطنة ولاجين الَّذِي عَزله عَن نِيَابَة دمشق وقرا سنقر الَّذِي عَزله من حلب وبهادر رَأس النّوبَة وَجَمَاعَة من الْأُمَرَاء، وَلما قاربوا السُّلْطَان أرسل إِلَيْهِم كرد أَمِير آخور ليكشف خبرهم فأمسكوه وخاضوا المخاضة ووصلوا إِلَى السُّلْطَان فَأول من ضربه بِالسَّيْفِ بيدرا ثمَّ لاجين حَتَّى فَارق وتركوه على الأَرْض فَحَمله أيدمر الفخري وَالِي تروجة إِلَى الْقَاهِرَة فَدفن فِي تربته رَحمَه الله تَعَالَى، ثمَّ اتّفق القاتلون لَهُ على سلطنة بيدرا وتقلب بالقاهر.
وَسَار ليملك قلعة الْجَبَل فانضم مماليك الْأَشْرَف إِلَى زين الدّين كتبغا المنصوري وركبوا أثر بيدرا وَمن مَعَه فلحقوهم على الطرانة فِي نصف الْمحرم مِنْهَا واقتتلوا وَانْهَزَمَ بيدرا وَأَصْحَابه وتقرفوا فتبعوا بيدرا وقتلوه وَرفعُوا رَأسه على رمح واختفى لاجين وقرا سنقر.
وَوصل زين الدّين كتبغا والمماليك السُّلْطَانِيَّة إِلَى قلعة الْجَبَل ونائبها علم الدّين سنجر الشجاعي، فاتفقوا على سلطنة مَوْلَانَا السُّلْطَان الْأَعْظَم الْملك النَّاصِر بن السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور فَأَجْلَسُوهُ على سَرِير الْملك فِي بَاقِي الْعشْر الْأَوْسَط من الْمحرم مِنْهَا، وتقرر كتبغا نَائِبا والشجاعي وزيراً وركن الدّين بيبرس الْبُرْجِي الجاشنكير أستاذ الدَّار وتتبعوا غُرَمَاء الْملك الْأَشْرَف فظفروا ببهادر رَأس النّوبَة وأقوش الْموصِلِي الْحَاجِب فَضربت رقابهما وأحرقت جثثهما.
ثمَّ ظفروا بطرنطاي الساقي والناق ونغية وأروس السلحدارية وَمُحَمّد خواجا والطنبغا الجمدار وأقسنقر الحسامي فاعتقوا بخزانة البنود أَيَّامًا ثمَّ قطعت أَيْديهم وأرجلهم وصلبوا

الصفحة 231