كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

بِمن مَعَه من المغول، وَعمد نيروز إِلَى قدر فِي جولق وربطه وأرسله إِلَى بيدو، وَقَالَ: وفيت بيميني ربطت قازان وبعثته إِلَيْك، وقازان اسْم الْقدر بالتتري، فَجمع بيدو عساكره والتقى الْجَمْعَانِ بنواحي هَمدَان فَصَارَ أَصْحَاب بيدو مَعَ قازان، فهرب بيدو وأدركه عَسْكَر قازان عَن قريب بنواحي هَمدَان وقتلوه فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا فملكه نَحْو ثَمَانِينَ أشهر.
وَاسْتقر قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو فِي المملكة فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا، وَجعل نيروز أتابكة ورتب أَخَاهُ خربندة بن أرغون بخراسان.
قلت: وفيهَا أسلم قازان ملك التتر وتلفظ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِإِشَارَة نَائِبه نيروز ونثر الذَّهَب على الْخلق، وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً.
ثمَّ لقنه نيروز شَيْئا من الْقُرْآن، وَدخل رَمَضَان فصامه، وفشى الْإِسْلَام فِي التتر.
وفيهَا: توفّي خطيب دمشق شرف الدّين أَحْمد بن أَحْمد الْمَقْدِسِي وَقد نَيف على السّبْعين. كَانَ من كبار الْمُفْتِينَ حسن الْخط، وَشَيخ الْمَشَايِخ عز الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الوَاسِطِيّ الفاروثي الْمقري الْمُفَسّر الْوَاعِظ الْخَطِيب فِي ذِي الْحجَّة بواسط وَله ثَمَانُون سنة، وَشَيخ الْحرم الْحَافِظ الْفَقِيه محب الدّين أَحْمد بن عبد الله الطَّبَرِيّ مُصَنف الْأَحْكَام وَله تسع وَسَبْعُونَ سنة، وسلطان إفريقية الْمُسْتَنْصر بِاللَّه عمر بن يحيى بن عبد الْوَاحِد الهنتائي وَملكه إِحْدَى عشرَة سنة وَالشَّيْخ الصَّالح أَبُو الرِّجَال المنيني صَاحب الكشوف وَالْأَحْوَال عَن نَيف وَثَمَانِينَ سنة، وَكَانَ لَهُ عَظمَة فِي النُّفُوس، وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي صَاحب الْيمن الْملك المظفر شمس الدّين يُوسُف بن الْملك الْمَنْصُور عمر بن عَليّ بن رَسُول التركماني بقلعة تعز فملكه نَحْو سبع وَأَرْبَعين سنة وَملك بعده أكبر أبنائه الْأَشْرَف عمر، وعمره لما تملك سَبْعُونَ سنة، وَكَانَ الْمُؤَيد دَاوُد بن يُوسُف عِنْد موت وَالِده بالشحر كَانَ أَبوهُ قد أعطَاهُ إِيَّاهَا وأبعده إِلَيْهَا، وَلما بلغه موت وَالِده تحرّك، وَسَار فاستولى على عدن فَأرْسل أَخُوهُ الْأَشْرَف عسكراً قَاتلُوهُ فكسروا الْمُؤَيد دَاوُد وأحضروه أَسِيرًا فاعتقله الْأَشْرَف وَأقَام الْأَشْرَف فِي الْملك عشْرين شهرا وَتُوفِّي فَأخْرج الْمُؤَيد من الاعتقال وَملك الْيمن إِلَى سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة.
وفيهَا: أرسل الْعَادِل كتبغا وَقبض على خوشداشة عز الدّين أيبك الخزينة دَار، وعزله عَن الْحُصُون والسواحل بِالشَّام، ثمَّ أفرج عَنهُ. واستناب مَوْضِعه عز الدّين أيبك الْموصِلِي.
وفيهَا: قصر النّيل عَظِيما وَتَبعهُ غلاء وأعقبه وباء وفناء عَظِيم.
وفيهَا: فِي أوائلها لما ملك كتبغا أفرج عَن مهنا بن عِيسَى وأخويه وأعادهم إِلَى مَنْزِلَتهمْ.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا قدم من التتر نَحْو عشرَة آلَاف وافدين خوفًا من قازان ومقدمهم طرغية من أكبر المغول زَوجته بنت منكوتمر بن هولاكو الَّذِي

الصفحة 233