كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

من طوير الْوَاجِب، وَعمل كوخاً وَقتل حمارا وانتظر نزُول النسْر على جيفته وَهُوَ بالكوخ، فاتفق نزُول النسْر وَلم يقدر لَهُ رميه، وأنتنت الجيفة فَمَرض، وَمرض الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى.
وَاتفقَ حُضُور الْأَمِير صارم الدّين أزبك المنصوري من التَّجْرِيد بحلب لمَرض زَوجته فلحق السُّلْطَان قبل وَفَاته.
وَاشْتَدَّ بالمظفر الْمَرَض بحمى محرقة حَتَّى توفّي فِي التَّارِيخ رَحمَه الله تَعَالَى، وَحضر بعد وَفَاته إِلَى حماه من حلب أَخُو الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى أَسد الدّين عمر وَبدر الدّين حسن ابْنا الْملك الْأَفْضَل، وَاخْتلفُوا فِيمَن يكون صَاحب حماه فَلم يَنْتَظِم فِي ذَلِك حَال.
ثمَّ إِن قرا سنقر وَهُوَ بالصبية تضور إِلَى الْحُكَّام بِمصْر من الْمقَام بالصبيبة وَقد اتّفق موت صَاحب حماه فَأعْطى قرا سنقر النِّيَابَة بحماه وَوَصلهَا فِي أَوَائِل ذِي الْحجَّة مِنْهَا وَنزل بدار المظفر صَاحب حماه.
قَالَ الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى: وَأخذ من تَرِكَة صَاحب حماه وَمنا أَشْيَاء كَثِيرَة حَتَّى أجحف بِنَا، ووصلت المناشير من مصر باستمرارنا، وغيرنا على مَا بِأَيْدِينَا.
وفيهَا: أرسل بلبان الطباخي عسكراً نهبوا ربض ماردين حَتَّى الْجَامِع وَعمِلُوا الْأَعْمَال الشنيعة الَّتِي احْتج بهَا قازان فِي قصد الشَّام.
وفيهَا: توفّي بدر الدّين بيسري فِي محبسه من حِين حَبسه لاجين.
وفيهَا: سَار مَوْلَانَا السُّلْطَان بعساكر مصر، فَأَقَامَ بِبِلَاد غَزَّة حَتَّى خرجت السّنة.
وفيهَا: توفّي شمس الدّين كريته أحد المقدمين الَّذين دخلُوا بلد سبس وفتحوا مَا ذَكرْنَاهُ.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِيهَا سَار قازان بن أرغون بجموع عَظِيمَة من مغول وكرج ومزندة وَغَيرهم، وَعبر الْفُرَات وَسَار إِلَى حلب ثمَّ إِلَى حماه، ثمَّ نزل وَادي مجمع المروج وَسَار مَوْلَانَا السُّلْطَان بالعساكر وَنزل ظَاهر حمص ثمَّ سَارُوا إِلَى جِهَة الْمجمع.
وَكَانَ سلار والجاشنكير هما المتغلبين على المملكة فطمع الْأُمَرَاء وَلم يكملوا عدَّة جندهم، الْتَقَوْا الْعَصْر من نَهَار الْأَرْبَعَاء سَابِع وَعشْرين ربيع الأول مِنْهَا الْمُوَافق لثالث وَعشْرين كانون الأول قرب مجمع المروج شَرْقي حمص على نصف مرحلة مِنْهَا فَوَلَّتْ ميمنة الْمُسلمين ثمَّ الميسرة وَثَبت الْقلب واحتاطت بِهِ التتر وَجرى قتال عَظِيم وَتَأَخر السُّلْطَان إِلَى جِهَة حمص حَتَّى أدْركهُ اللَّيْل، وتمت الْهَزِيمَة بالعساكر الإسلامية إِلَى مصر وتبعهم التتر واستولوا على دمشق وَسَاقُوا إِلَى غَزَّة والقدس وبلاد الكرك وغنموا من الجفال شَيْئا عَظِيما.

الصفحة 239