كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَصَحبه إِلَى حلب وَمَا مكن مِنْهُ أحدا بعد أَن حكم القَاضِي بسفك دم عُثْمَان، وَبَقِي عِنْد قرا سنقر مكرماً إِلَى أَن هرب قرا سنقر إِلَى التتر فاختفى عُثْمَان.
فَلَمَّا ملك الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى حماه تتبع عُثْمَان وَطَلَبه من نَائِب الشَّام الْمقر السيفي يُنكر فأمسكه من بِلَاد عجلون وَأَصله من بلد الشوبك وأرسله إِلَيْهِ معتقلاً فَضرب عُنُقه فِي سوق الْخَيل بِحَضْرَة الْعَسْكَر رَابِع عشر شعْبَان سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة.
وفيهَا: لما وصل قازان إِلَى الشَّام طمع الأرمن فِي الْبِلَاد الَّتِي فتحهَا الْمُسلمُونَ مِنْهُم، وَعجز الْمُسلمُونَ عَن حفظهَا فاحتلها الرجالة والعسكر فارتجعها الأرمن وَهِي حموص وتل حمدون وكويرة وسرفند كار والنقير وَغَيرهَا وَلم يسلم مِنْهَا للْمُسلمين غير حجر شغلان.
وفيهَا: أَو الَّتِي قبلهَا لما ملك دندين بلد الأرمن أفرج عَن أَخِيه هيتوم وَجعله الْملك وَهُوَ بَين يَدَيْهِ، وهيتوم أَعور من حِين سمله أَخُوهُ سنباط وَبعد مُدَّة غدر هيتوم بدندين وجازاه أقبح جَزَاء وَقصد إِمْسَاكه فهرب إِلَى قسطنطينية، وَلما اسْتَقر هيتوم فِي مملكة سيس كَانَ لِأَخِيهِ تروس الَّذِي قَتله سنباط ابْن صَغِير فَأَقَامَ هيتوم هَذَا الصَّغِير ابْن تروس ملكا وَصَارَ أتابكا للصَّغِير وبقيا كَذَلِك حَتَّى قَتلهمَا يرلغي مقدم المغول بالروم.
ثمَّ دخلت سنة سَبْعمِائة فِيهَا: عَادَتْ التتر إِلَى الشَّام وعبروا الْفُرَات فِي ربيع الآخر، وخلت بِلَاد حلب وَسَار قرا سنقر بعسكر حلب إِلَى حماه، وبرز كتبغا وعسكر حماه إِلَى ظَاهر حماه فِي ثَانِي وَعشْرين ربيع الآخر مِنْهَا سادس كانون الأول ووصلت العساكر من دمشق واجتمعوا بحماه وأقامت التتر بِبِلَاد يبرين وسرمين والمعرة وَغَيرهَا ينهبون وَيقْتلُونَ.
وَوصل السُّلْطَان بالعساكر إِلَى العوجاء واشتدت الأمطار والوحل حَتَّى انْقَطَعت الطرقات وتعذرت الأقوات وعجزت العساكرعن الْمقَام على تِلْكَ الْحَال فَعَاد السُّلْطَان إِلَى الديار المصرية، وتنقلت التتر بِبِلَاد حلب نَحْو ثَلَاثَة أشهر ورد الله التتر على أَعْقَابهم بقدرته إِلَى بِلَادهمْ، وعدوا الْفُرَات فِي أَوَاخِر جمادي الْآخِرَة مِنْهَا الْمُوَافق لأوائل آذار، وَعَاد قرا سنقر بعسكر حلب إِلَيْهَا وتراجعت الجفال.
وفيهَا: لما وَردت الْأَخْبَار بِعُود التتر إِلَى الشَّام إستخرج من غَالب الإغنياء بِمصْر وَالشَّام ثلث أَمْوَالهم لاستخدام الْمُقَاتلَة.
وفيهَا: لما خرجت العساكر من مصر توفّي سيف الدّين بلبان الطباخي وَدفن بِأَرْض الرملة وَورثه السُّلْطَان بِالْوَلَاءِ.
وَقلت: وَكَانَ شهماً وأنكى فِي التتر لما انْكَسَرَ الْمُسلمُونَ سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَالله أعلم.
وفيهَا: عزل كراي المنصوري عَن السواحل وَصَارَ بِدِمَشْق أكبر الْأُمَرَاء وَولى السواحل أسندمر الكرجي.

الصفحة 241