كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

أَخِيه الْأَمِير بدر الدّين حسن، وَقصد ان يعدل بحماه عَنهُ إِلَيْهِ فَلم يُوَافقهُ السُّلْطَان على ذَلِك، فَلَمَّا رأى أَن السُّلْطَان يُعْطي الْمُؤلف تغمده الله برحمته حماه طلبَهَا اسندمر لنَفسِهِ فَمَا أمكن السُّلْطَان مَنعه مِنْهَا، فرسم لَهُ بحماه، وَتَأَخر حُضُوره لأمور اقْتَضَت ذَلِك.
واستناب السُّلْطَان سيف الدّين بكتمر الجوكندار بالديار المصرية وَلما هرب بيبرس الجاشنكير أَخذ مَعَه أَمْوَالًا وخيولاً وَتوجه إِلَى جِهَة الصَّعِيد، وَلما اسْتَقر السُّلْطَان أرسل فارتجع مِنْهُ مَا أَخذ من الخزائن بِغَيْر حق.
ثمَّ قصد بيبرس الْمسير إِلَى صهيون فبرز من أطفيح إِلَى السويس وَسَار إِلَى الصالحية ثمَّ إِلَى العنصر قرب الداروم وَوصل إِلَى قرا سنقر وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى نِيَابَة الشَّام المرسوم بِالْقَبْضِ على بيبرس فَركب قرا سنقر وكبسه وَقبض عَلَيْهِ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُور وَعَاد بِهِ إِلَى الحظارة فوصل من عِنْد السُّلْطَان اسندمر الكرجي وتسلمه وَعَاد قرا سنقر إِلَى الشَّام وأوصل اسندمر بيبرس إِلَى قلعة الْجَبَل واعتقل يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر ذِي الْقعدَة مِنْهَا فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ وَمُدَّة ملكه أحد عشر شهرا.
(تفاني الرِّجَال على حبها ... وَمَا يحصلون على طائل)

(قلت) : وَأما سلار فَاشْتَدَّ خَوفه ووجله بالشوبك فنزح إِلَى الْبَريَّة ثمَّ خذل وَأرْسل يطْلب أَمَانًا ليقيم بالقدس فَأُجِيب وَسَاقه حتفه إِلَى الْقَاهِرَة فَأحْضرهُ السُّلْطَان وعاتبه ثمَّ اعتقل وَمنع من الزَّاد حَتَّى مَاتَ جوعا وَفِي أهرائه نَحْو مِائَتي ألف أردب، وَقيل وجد وَقد أكل خفه، وَكَانَ من التتار العويرامية وَمَات فِي جمادي الأولى سنة عشر وَسَبْعمائة، ووقفت على مسودة بِمَا وجد فِي دَاره من صناديق ضمنهَا جَوَاهِر وفصوص مَاس ولآلىء كبار ومصاغ وعقود وقناطير مقنطرة ذَهَبا وَفِضة وسروج مزركشة وأقمشة وَعدد وخيل وجمال وَغير ذَلِك مِمَّا يفوت الْحصْر وَالله أعلم.
وفيهَا: غلب بَيَان بن قبجي على مملكة أَخِيه كتلك وَاتفقَ موت كتلك عقيب ذَلِك فاستنجد ابْنه قشتمر وطرد عَمه ببان وَاسْتقر فِي ملك أَبِيه كتلك، وَقيل أَن الَّذِي طرد ببان هُوَ أَخُوهُ منغطاي بن قبجي.
وفيهَا: وَردت الْأَخْبَار أَن الفرنج قصدُوا نصر بن مُحَمَّد بن الْأَحْمَر ملك غرناطة بالأندلس فاستنجد بِسُلَيْمَان المريني صَاحب مراكش واقتتلوا قرب غرناطة فَقتل من الْفَرِيقَيْنِ عَالم عَظِيم ثمَّ هزم الله الفرنج.
وفيهَا: تزوج خربنده ملك التتر بنت الْملك الْمَنْصُور غَازِي بن قرا أرسلان صَاحب ماردين وحملت إِلَى الأردو.
قلت: وَهَذَا آخر مَا وقف عَلَيْهِ الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَا علمت، وَمن هُنَا شرعت فِي التذييل عَلَيْهِ فَقلت: وفيهَا أعَاد السُّلْطَان قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين سُلَيْمَان بن حَمْزَة

الصفحة 250