كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وفيهَا: رسم السُّلْطَان أَن يعمر بِبِلَاد النصيرية فِي كل قَرْيَة مَسْجِدا ويمنعوا من الْخطاب.
وفيهَا: اجْتمع إِلَى ماردين قفل كَبِير تجار وجفال من الغلا وقصدوا الشَّام فَلَمَّا وصلوا إِلَى خَان التَّاجِر أدركتهم فرقة من التتر من أُمَرَاء سوتاي النَّائِب بديار بكر إِلَى حُدُود الْعرَاق وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِم بحجج وصاروا كلما أَمْسكُوا مِنْهُم جمَاعَة أبعدوا بهم وقتلوهم فَأكْثر الْبَاقُونَ الصُّرَاخ فَمَال التتر عَلَيْهِم بالنشاب حَتَّى قتلوا الْجَمِيع وَبَقِي من أَوْلَاد الجفال نَحْو سبعين صَبيا فَقَالُوا: من يقتل هَؤُلَاءِ منا فَقَتلهُمْ تترى وَأَعْطوهُ عَن كل صبي دِينَارا وَبلغ الْقَتْلَى تِسْعمائَة رجال وَنسَاء وصبيان وتألم النَّاس لذَلِك، ثمَّ أَن سوتاي أمسك من الحرامية وحبسهم وأوصل بعض المَال إِلَى مستحقيه بعد غَرَامَة مَا بَين النّصْف إِلَى الثُّلُث.
وفيهَا: خرج جمَاعَة من النصيرية عَن الطَّاعَة وَأَقَامُوا شخصا زَعَمُوا أَنه الْمهْدي وقاتلوا الْمُسلمين وَادعوا أَنهم كفرة فكسرهم عَسْكَر الْمُسلمين وَقتل مقدمهم وخلقاً مِنْهُم ومزقهم الله كل ممزق فَللَّه الْحَمد.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة: فِيهَا كَانَ بديار بكر والموصل وإربل وماردين والجزيرة وميافارقين غلاء وجلاء حَتَّى بِيعَتْ الْأَوْلَاد وأكلت الْميتَة، وَكَانَ الشَّخْص إِذا امْتنع من شِرَاء أَوْلَاد الْمُسلمين تجْعَل الْمَرْأَة نَفسهَا نَصْرَانِيَّة ليرغب فِي الشِّرَاء نسْأَل الله الْعَافِيَة ونعوذ بِاللَّه من الْجُوع فَإِنَّهُ بئس الضجيع ونزح من إربل جمَاعَة إِلَى جِهَة مراغة فأهلكهم الثَّلج فِي الطَّرِيق وَكَانَ سَبَب الغلاء جَرَادًا وَعدم الْمَطَر سنتَيْن وجور التتر لمَوْت خربنده وَتغَير الدول والغارات، فسبحان الفعال لما يُرِيد.
وفيهَا: فِي صفر وصل كريم الدّين إِلَى دمشق وَأمر بِبِنَاء جَامع بالقبيبات وَتوجه إِلَى الْقُدس وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة وَشرع فِي بِنَاء الْجَامِع.
فِيهِ: ثارت ريح عَاصِفَة من جِهَة الْبَحْر على بيُوت التركمان عِنْد قَرْيَة المعيصرة من الجون من عمر طرابلس فتكونت عموداً أغبر صُورَة تنين مُتَّصِل بالسحاب فَمَا تركت شَيْئا من الْبيُوت والأثاث وأهلكت جمَاعَة وخطفت جملين وَارْتَفَعت بهما فِي الجو مِقْدَار عشرَة أرماح وطوت الرّيح قدور النّحاس والصاجات وَصَارَت قطعا، وَكَانَ إِلَى جانبهم عرب فخطفت لَهُم أَرْبَعَة أجمال إِلَى الجو فتقطعت الْجمال قطعا، وأهلكت دَوَاب كَثِيرَة، وَوَقع بعْدهَا مطر برد كبار الْبردَة ثَلَاث أَوَاقٍ ودونها كأشطاف الْحِجَارَة مِنْهَا مثلث ومربع وَأصَاب ذَلِك أَرْبعا وَعشْرين قَوِيَّة، وَكتب بذلك محْضر وَثَبت عِنْد قَاضِي طرابلس فنسأل الله الْعَافِيَة.
وَفِيه: توفّي الشَّيْخ الْقدْوَة الْعَالم بَقِيَّة السّلف مُحَمَّد بن أبي بكر بن قوام البالسي بزاويته بالصالحية.
قلت: وَمن الله عَليّ بزيارته حَيا ثمَّ بعد وَفَاته أَخْبرنِي الشَّيْخ الْمقري الصَّالح مُحَمَّد بن شامة السَّاكِن بِالْبَابِ قَالَ: صَحِبت الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَذْكُور من دمشق قَاصِدين بَاب

الصفحة 258