كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

بزاعا فَلَمَّا كُنَّا تَحت جبل لبنان وَقد انقطعنا عَن الرّفْقَة قَلِيلا قلت للشَّيْخ: يَا سَيِّدي يَقُولُونَ إِن فِي هَذَا الْجَبَل أَوْلِيَاء لله تَعَالَى؟ فَقَالَ: نعم فَقلت يَا سَيِّدي لَو أريتني مِنْهُم أحدا؟ وَإِذا رجل فِي الْهَوَاء أسمع صَوته وَلَا أرى شخصه يَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا شيخ مُحَمَّد فَرد الشَّيْخ عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ نظر إِلَيّ وَقَالَ: سَمِعت فَقلت: نعم ثمَّ سَأَلته عَن شكله؟ فَقَالَ: قد خطّ عذاره وَأَخْبرنِي غير وَاحِد من أهل الْبَاب مِمَّن أصدقه أَن الشَّيْخ لما قدم إِلَى الْبَاب وَدخل على الْجَبانَة قَالَ لمن مَعَه هَذَا رجل قد قَامَ إِلَيّ من قَبره وَعَلِيهِ جُبَّة صوف وَله سِتّ أَصَابِع على كل كف فَسَأَلته الْجَمَاعَة أَن يُرِيهم قَبره فَمَال بهم إِلَى قبر وَقَالَ: هَذَا ففحصوا عَن صَاحب الْقَبْر فَإِذا هُوَ كَمَا وصف، وَأخْبر من رَآهُ حَيا أَنه كَانَ لَهُ سِتّ أَصَابِع على كل كف.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الْآخِرَة ورد مرسوم السُّلْطَان بِمَنْع الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية من الْفَتْوَى فِي مَسْأَلَة الْحلف بِالطَّلَاق وَعقد لذَلِك مجْلِس وَنُودِيَ بِهِ فِي الْبَلَد.
قلت: وَبعد هَذَا الْمَنْع والنداء أحضر إِلَيّ رجل فَتْوَى من مضمونها إِنَّه إِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا جملَة بِكَلِمَة أَو بِكَلِمَات فِي طهر أَو أطهار قبل أَن يرتجعها أَو تقضي الْعدة فَهَذَا فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء أظهرهمَا أَنه لَا يلْزمه إِلَّا طَلْقَة وَاحِدَة وَلَو طَلقهَا الطَّلقَة بعد أَن يرجعها أَو يَتَزَوَّجهَا بِعقد جَدِيد وَكَانَ الطَّلَاق مُبَاحا فَإِنَّهُ يلْزمه، وَكَذَلِكَ الطَّلقَة الثَّالِثَة إِذا كَانَت بعد رَجْعَة أَو عقد جَدِيد وَهِي مُبَاحَة فَأَنَّهَا تلْزمهُ وَلَا تحل لَهُ بعد ذَلِك إِلَّا بِنِكَاح شَرْعِي لَا بِنِكَاح تَحْلِيل وَالله أعلم. وَقد كتب الشَّيْخ بِخَطِّهِ تَحت ذَلِك مَا صورته: هَذَا مَنْقُول من كَلَامي، كتبه أَحْمد بن تَيْمِية، وَله فِي الطَّلَاق رخص غير هَذِه أَيْضا لَا يلْتَفت الْعلمَاء إِلَيْهَا وَلَا يعرجون عَلَيْهَا.
وفيهَا: قتل رشيد الدولة طَبِيب خربنده اتهمه جوبان بِأَنَّهُ غش خربنده فِي المداواة وَقطع رَأسه إِلَى تبريز وأحرقت جثته واستأصلوا أملاكه وأمواله وجواهره، وَاخْتلف فِي طويته فَقَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين الأفضلي التريزي: قتل الرشيد أعظم من قتل مائَة ألف من النَّصَارَى، وَقَالَ قَاضِي الرحبة رَأَيْت مِنْهُ شَفَقَة على أهل الرحبة: وسعياً فِي حقن دِمَائِهِمْ يَعْنِي أَيَّام حصارها وَإِنَّمَا كَانَ يتبع أعداءه صالحين كَانُوا أَو فسقة.
وفيهَا: فِي رَجَب توفّي الشَّيْخ الإِمَام الزَّاهِد بَقِيَّة السّلف أَبُو الْوَلِيد إِمَام الْمَالِكِيَّة، وَفِي آخر الشَّهْر ورد الْخَبَر أَنه كَانَ بِظَاهِر حمص سيل خرب حَائِط الميدان وَبَعض خَان السَّبِيل.
وفيهَا: فِي شعْبَان شرع فِي بِنَاء الْجَامِع ظَاهر بَاب الشَّرْقِي أَمر بعمارته الصاحب شمس الدّين غبريال نَاظر دمشق.
وَفِيه: أُقِيمَت الْجُمُعَة بالجامع الَّذِي أَمر نَائِب الشَّام ببنائه خَارج بَاب النَّصْر وخطب فِيهِ الشَّيْخ كريم الدّين الفجقيري.
وَفِيه: أَيْضا كمل بِنَاء الْجَامِع بالقبيات، وخطب فِيهِ الشَّيْخ شمس الدّين بن الرزين.
وَفِيه: توفّي الشَّيْخ مجد الدّين التّونسِيّ الأصولي الْمقري النَّحْوِيّ بِدِمَشْق.

الصفحة 259