كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

ترفض خربنده أحضر إِلَيْهِ وَأكْرم وَجعل لَهُ أرزاقاً كَثِيرَة بلغت مصنفاته فِي الْأُصُول وَفقه الإمامية والمنطق مائَة وَعشْرين مجلداً.
وَفِيه: شاع بِدِمَشْق أَن الشَّمْس تكسف بعد الظّهْر فِي السَّاعَة السَّابِعَة من يَوْم الْخَمِيس الثَّامِن وَالْعِشْرين من ربيع الآخر، وَذكروا أَن ذَلِك فِي جَمِيع التقاويم، وَأَن هَذَا حِسَاب لَا يخرم فتهيأ النَّاس للصَّلَاة فَلم تكسف فانكسف المنجمون لذَلِك وَللَّه الْحَمد.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الأولى قتل الراهب توماً وَكَانَ أسلم وَصَارَ عِنْده حرص على الدّين وَلكنه ارْتَدَّ إِلَى النَّصْرَانِيَّة وَسبق عَلَيْهِ الشَّقَاء فِي أم الْكتاب، نسْأَل الله الْوَفَاة على الْإِسْلَام.
وفيهَا: فِي شعْبَان اعتقل الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية بقلعة دمشق مكرماً رَاكِبًا وَفِي خدمته مشد الْأَوْقَاف والحاجب ابْن الخطير وأخليت لَهُ قاعة ورتب لَهُ مَا يقوم بكفايته، ورسم السُّلْطَان بِمَنْعه من الْفتيا وَسبب ذَلِك فتيا وجدت بِخَطِّهِ فِي الْمَنْع من السّفر وَمن أَعمال الْمطِي إِلَى زِيَارَة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَحبس جمَاعَة من أَصْحَابه وعزر جمَاعَة ثمَّ أطْلقُوا سوى شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر إِمَام الجوزية فَإِنَّهُ حبس بالقلعة أَيْضا.
وَفِيه: وَردت الْأَخْبَار إِلَى الشَّام أَنه أجريت عين باران إِلَى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى كَانَ الْعِرَاقِيُّونَ قد شرعوا فِيهَا من أول السّنة وَالْمَاء الْيَوْم بِمَكَّة مثل الْمَدِينَة الضَّعِيف وَالْقَوِي فِيهِ سَوَاء بِحَمْد الله تَعَالَى.
قلت:
(هَل لي إِلَى مَكَّة من عودة ... فأبلغ السؤل وأقضي الدُّيُون)

(غير عَجِيب جري عين بهَا ... فقد جرت شوقاً إِلَيْهَا الْعُيُون)

وَفِيه: أبطل السَّيِّد عطيفة مقَام الزيدية، وَأخرج إِمَام الزيدية إخراجاً عنيفاً، ونادى بِالْعَدْلِ فِي الْبِلَاد بمرسوم السُّلْطَان، فسر الْمُسلمُونَ بذلك عَظِيما.
وفيهَا: ورد كتاب من بَغْدَاد إِلَى شمس الدّين بن منتاب بِدِمَشْق يتَضَمَّن أَن خياطاً مضى إِلَى الرِّبَاط الَّذِي عمره مُحَمَّد أغا وَقَالَ للصوفية اربطوا سراويلي واختموا وارصدوني فَإِنِّي أُرِيد أعمل أربعينية لَا أَذُوق فِيهَا شَيْئا وَلَا أبول وَلَا أتغوط، فختم سراويله بعض نواب مُحَمَّد أغا وَغَيره عدَّة ختوم وَأقَام بَينهم أحد وَأَرْبَعين يَوْمًا.
ثمَّ جَاءَ إِلَيْهِ سعد الدّين وَقَالَ لَهُ: أما أحملك إِلَيّ بَيْتِي وأقم عِنْدِي عشرَة أَيَّام أخر، فَقَالَ لَهُ الْخياط: وَإِن شِئْت صبرت أَرْبَعِينَ أُخْرَى فَحَمله سعد الدّين الْمَذْكُور إِلَى دَاره وقفل عَلَيْهِ الْبَاب وَأخذ الْمِفْتَاح وَدخل عَلَيْهِ بعد سِتَّة أَيَّام فَإِذا الْخياط جَالس شبعان رَيَّان كَأَنَّهُ أَسد فتعجب من ذَلِك، وَكَانَ مَعَ سعد الدّين جمَاعَة من الْعلمَاء تكلمُوا مَعَ الْخياط فوجدوه خَالِيا من الْعُلُوم، وَقَالَ: أَنا لَا أحفظ الْقُرْآن وَلَكِن فِي هَذِه السَّاعَة إنشق الْحَائِط وَخرج لي مِنْهُ

الصفحة 270