كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَمَات بِدِمَشْق الناصح مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم بن قَاسم الدِّمَشْقِي النَّقِيب الجنائزي، كَانَ خَبِيرا بألقاب النَّاس يحصل الدَّرَاهِم وَالْخلْع ويتقيه النَّاس عفى الله عَنهُ.
وَمَات بِمصْر فَخر الدّين بن مُحَمَّد بن فضل الله كَاتب المماليك نَاظر الجيوش المصرية، كَانَ لَهُ بر وَعَدَمه النَّاس وَعرفُوا قدره بوفاته فَإِنَّهُ كَانَ يُشِير على السُّلْطَان بالخيرات وَيرد عَن النَّاس أموراً معظمات.
قلت:
(وَكم أُمُور حدثت بعده ... حَتَّى بَكت حزنا عَلَيْهِ الرتوت)

(لَو لم يمت مَا عرفُوا قدره ... مَا يعرف الْإِنْسَان حَتَّى يَمُوت)

سمع من ابْن الأبرقوهي واحتيط على حواصله وَمَات شيخ الْقُرَّاء شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن يحي بن أبي الحزم سبط السلعوس النابلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي ببستانه بِبَيْت لهيا، وَكَانَ سَاكِنا وقوراً.
وَمَات بِمصْر الْأَمِير سيف الدّين إيجية الدواتدار الناصرية الْفَقِيه الْحَنَفِيّ كهلاً، وَولي المنصب بعده الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف بن الأسعد، ثمَّ عزل بعد مُدَّة.
وفيهَا: فِي شعْبَان كَانَ عرس الْملك مُحَمَّد بن السُّلْطَان على زَوجته بنت بكتمر الساقي وسوارها ألف ألف دِينَار مصرية، وَذبح خيل وجمال وبقر وغنم وأوز ودجاج فَوق عشْرين ألف رَأس وَحمل لَهُ ألف قِنْطَار شمع وَعقد لَهُ ثَمَانِيَة عشر ألف قِنْطَار حلوى سكرية وَأنْفق على هَذَا الْعرس أَشْيَاء لَا تحصى.
وَمَات: بِالْقَاهِرَةِ جمال الدّين مُحَمَّد بن بدر الدّين مُحَمَّد بن جمال الدّين مُحَمَّد بن مَالك الطَّائِي الجياني بلغ الْخمسين، وَسمع من ابْن النجاري جرأ خرجه لَهُ عَمه، وَله نظم جيد وَله يحدث.
وَمَات الْأَمِير سيف الدّين ساطي صهر سلار من الْعُقَلَاء وَفِيه ديانَة وَله حُرْمَة وافرة وَمَات بِدِمَشْق أَمِين الدّين سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّبِيب تلميذ الْعِمَاد الدنيسري كَانَ سعيداً فِي علاجه وَحصل أَمْوَالًا.
قلت:
(مَاتَ سُلَيْمَان الطَّبِيب الَّذِي ... أعده النَّاس لسوء المزاج)

(لم يفده طب وَلم يغنه ... علم وَلم يَنْفَعهُ حسن العلاج)

كَانَ مقدما على المداواة ودرس بالدخوارية مُدَّة وعاش نَحْو سبعين سنة.
وَفِيه: طَغى مَاء الْفُرَات وارتفع وَوصل إِلَى الرحبة وَتَلفت زروع، وانكسر السكر بدير بسير كسرا ذرعه اثْنَان وَسَبْعُونَ ذِرَاعا وَحصل تألم عَظِيم وَعمِلُوا السكر فَلَمَّا قَارب الْفَرَاغ انْكَسَرَ مِنْهُ جَانب وغلت الأسعار بِهَذَا السَّبَب وتعب النَّاس بصعوبة هَذَا الْعَمَل.

الصفحة 289