كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وقائع، وَفِي آخر الْأَمر تعصبت الدماشقة مَعَ تَاج الدّين فاستمر خَطِيبًا.
وفيهَا: فِي شهر رَمَضَان وصل القَاضِي عَلَاء الدّين عَليّ بن عُثْمَان الزرعي الْمَعْرُوف بالقرع إِلَى حلب قَاضِي الْقُضَاة ولاه الطاغية الفخري بالبذل فَاجْتمع النَّاس وحملوا الْمُصحف وتضرروا من ولَايَة مثله فَرفعت يَده عَن الحكم فسافر أَيَّامًا ثمَّ عَاد بكتب فَمَا التفتوا إِلَيْهَا فسافر إِلَى مصر وحلب خَالِيَة عَن قَاض شَافِعِيّ.
وفيهَا: فِي شَوَّال عَم الشَّام ومصر جَراد عَظِيم وَكَانَ أَذَاهُ قَلِيلا.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة وصل إيدغمش الناصري إِلَى حلب نَائِبا بهَا فِي حشمة عَظِيمَة وَأحسن وَعدل وخلع كثير من النَّاس وَأقَام بحلب إِلَى صفر ثمَّ نقل إِلَى نِيَابَة دمشق وتأسف الحلبيون لانتقاله عَنْهُم.
قلت:
(يعرف من تقبله أَرْضنَا ... من لزم الْأَوْسَط من فعله)

(لَا تقبل المسرف فِي جوره ... كلا وَلَا المسرف فِي عدله)

وَنقل: طقزتمر من حماه إِلَى حلب مَكَان إيدغمش ودخلها فِي عشرى صفر، وَتَوَلَّى نِيَابَة حماه مَكَانَهُ الْأَمِير الْعَالم علم الدّين الجاولي، ثمَّ نقل الجاولي إِلَى نِيَابَة غَزَّة، وَولي نِيَابَة حماه مَكَان آل ملك، ثمَّ بعد الطنبغا المارداني كل هَذَا فِي مُدَّة يسيرَة وَجرى فِي هَذِه السّنة من تقلبات الْمُلُوك والنواب واضطرابهم مَا لم يجر فِي مئات من السنين.
قلت: ...
(عجائب عامنا عظمت وجلت ... أعاماً كَانَ أم مِائَتَيْنِ عَاما)

(تصول على الْمُلُوك صيال قَاض ... قَلِيل الدّين فِي مَال الْيَتَامَى)

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة وصل إِلَى حلب القَاضِي حسام الدّين الغوري قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِمصْر الْوَافِد إِلَيْهَا من قَضَاء بَغْدَاد منفياً من الْقَاهِرَة لما اعتقده فِي الْأَحْكَام ولمعاضدته لقوصون ولسوء سيرته فَإِنَّهُ قَاضِي تتر.
ولي بيتان فِي ذمّ حمام هما:
(حمامكم فِي كل أَوْصَافه ... يشبه شخصا غير مَذْكُور)

(شَدِيد برد وسخ موحش ... قَلِيل مَاء فَاقِد النُّور)

فغيرهما بعض النَّاس فَجعل الْبَيْت الأول كَذَا:
(حمامكم فِي كل أَوْصَافه ... يشبه وَجه الْحَاكِم الغوري)

وتمته بِالْبَيْتِ الثَّانِي على حَاله.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة سَافر السُّلْطَان النَّاصِر أَحْمد إِلَى الكرك وَأخذ من ذخائر بَيت المَال بِمصْر مَا لَا يُحْصى وَصَحب طشتمر والفخري مقيدين فَقَتَلَهُمَا بالكرك قتلة شنيعة

الصفحة 323