كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وَيطول الشَّرْح فِي وصف جرْأَة الفخري وإقدامه على الْفَوَاحِش حَتَّى فِي رَمَضَان ومصادرته للنَّاس حَتَّى أَنه جهز من صادر أهل حلب فأراح الله الْعَالم مِنْهُ، وحصن النَّاصِر الكرك وأتخذها مقَاما لَهُ.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي الْمحرم انْقَلب عَسْكَر الشَّام على الْملك النَّاصِر أَحْمد وَهُوَ بالكرك وكاتبوا إِلَى مصر (فَخلع النَّاصِر وأجلس أَخُوهُ السُّلْطَان الْملك إِسْمَاعِيل) على الْكُرْسِيّ بقلعة الْجَبَل واستناب إِلَى ملك.
وفيهَا: فِي ربيع الآخر حوصر السُّلْطَان أَحْمد بالكرك، وَاحْتج عَلَيْهِ أَخُوهُ الصَّالح بِمَا أَخذ من أَمْوَال بَيت المَال وَحصل بنواحي الكرك غلاء لذَلِك.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الْآخِرَة توفّي نَائِب دمشق إيدغمش وَدفن بالقبيبات، وَيُقَال أَن دمشق لم يمت بهَا من قديم الزَّمَان إِلَى الْآن نَائِب سواهُ، وتولاها مَكَانَهُ طقز تمر نَائِب حلب.
وفيهَا: فِي رَجَب وصل الْأَمِير عَلَاء الدّين الطنبغا المارداني نَائِبا إِلَى حلب.
وفيهَا: فِي شهر رَمَضَان توفّي الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْبَاقِي الْيَمَانِيّ الأديب وَقد أناف على السِّتين وَتقدم ذكر وفوده إِلَى حلب رَحمَه الله تَعَالَى وزر بِالْيمن وتنقلت بِهِ الْأَحْوَال، وَله نظم ونثر كثير وتصانيف.
وفيهَا: فِي شَوَّال خرج الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الأحمدي من مصر بعسكر لحصار الكرك وَكَذَلِكَ من دمشق فحاصروا النَّاصِر بهَا بالنفظ والمجانيق وَبلغ الْخَبَر أُوقِيَّة بدرهم وغلت دمشق لذَلِك حَتَّى أكلُوا خبز الشّعير.
وفيهَا: وصل عَلَاء الدّين القرع إِلَى حلب قَاضِيا للشَّافِعِيَّة وَأول درس أَلْقَاهُ بِالْمَدْرَسَةِ قَالَ فِيهِ: كتاب الطَّهَارَة بَاب الميات فأبدل الْهَاء بِالتَّاءِ فَقلت أَنا للحاضرين: لَو كَانَ بَاب الميات لما وصل القرع إِلَيْهِ وَلكنه بَاب الألوف ثمَّ قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عُنُقه مَكَان فِي عقبه فَقلت أَنا: لَا وَالله وَلكنهَا فِي عنق الَّذِي ولاه، فاشتهرت عني هَاتَانِ التنديدتان فِي الْآفَاق.
وفيهَا: فِي ربيع الآخر عزل الْأَمِير سُلَيْمَان بن مهنا بن عِيسَى عَن إِمَارَة الْعَرَب وولاها مَكَانَهُ الْأَمِير عِيسَى بن فضل بن عِيسَى وَذَلِكَ بعد الْقَبْض على فياض بن مهنا بِمصْر، وَكَانَ سُلَيْمَان قد ظلم وصادر أهل سرمين وربط بعض النِّسَاء فِي الزناجير وهجم عبيده على المخدرات فأغاثهم الله فِي وسط الشدَّة ثمَّ أُعِيد بعد مُدَّة قريبَة إِلَى الْإِمَارَة.
وفيهَا: توفّي بحلب الْأَمِير الطاعن خَفِي السن سيف الدّين يلبصطي التركماني الأَصْل رَأس الميمنة بهَا، وَكَانَ قَلِيل الْأَذَى مَجْمُوع الخاطر.
وفيهَا: توفّي بحلب طنبغا حجى كَانَ جهزه الفخري إِلَيْهَا نَائِبا عَنهُ فِي أَيَّام خُرُوجه

الصفحة 324