كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

وفيهَا: فِي أواخرها ملكت التركمان قلعة كابان وربضها بالحيلة وَهِي من أمنع قلاع سيس مِمَّا يَلِي الرّوم وَقتلُوا رجالها وَسبوا النِّسَاء والأطفال، فبادر صَاحب سيس الْجَدِيد لاستنقاذها فصادفه ابْن دلغادر فأوقع بالأرمن وَقتل مِنْهُم خلقا وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ.
قلت:
(صَاحب سيس الْجَدِيد نَادَى ... كابان عِنْدِي عديل روحي)

(قُلْنَا تأهب لغير هَذَا ... فَذا فتوح على الْفتُوح)

وَبعد فتحهَا قصد النَّائِب بحلب أَن يَسْتَنِيب فِيهَا من جِهَة السُّلْطَان فعتا ابْن دلغادر عَن ذَلِك فجهزوا عسكراً لهدمها ثمَّ أَخَذتهَا الأرمن مِنْهُ بشؤم مُخَالفَته لوَلِيّ الْأَمر وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة قبض على قماري الناصري نَائِب طرابلس وعَلى آل ملك نَائِب صفد، وَولي طرابلس بيدمر البدري، وصفد أرغون الناصري.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة: والتتر مُخْتَلفُونَ كَمَا كَانُوا.
وفيهَا: فِي الْمحرم طلب الْحَاج أرقطاي نَائِب حلب إِلَى مصر، وتكن فِي مصر وارتفع شَأْنه وَصَارَ رَأس مشورة مَكَان حسنكلي بن البابا فَإِنَّهُ توفّي قبل ذَلِك بأيام.
وَفِيه: أقبل إِلَى حلب وبلادها من جِهَة الشرق جَراد عَظِيم فَكَانَ أَذَاهُ قَلِيلا بِحَمْد الله.
قلت:
(رجل جَراد صدها ... عَن الْفساد الصَّمد)

(فكم وَكم للطفه ... فِي هَذِه الرجل يَد)

وفيهَا: فِي ربيع الأول وصل إِلَى حلب الْأَمِير سيف الدّين طقتمر الأحمدي نَائِبا نقل إِلَيْهَا من حماه مَكَانَهُ أسندمر الْعمريّ. وفيهَا: فِي جُمَادَى الأولى سَافر القَاضِي نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الصاحب شرف الدّين يَعْقُوب وَولي كِتَابه السِّرّ بِدِمَشْق وَتَوَلَّى كِتَابَة السِّرّ بحلب مَكَانَهُ القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم بن الشهَاب مَحْمُود الْحلَبِي.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الأولى بلغنَا أَن نَائِب الشَّام يلبغا خرج إِلَى ظَاهر دمشق خوفًا من الْقَبْض عَلَيْهِ وشق الْعَصَا وعاضد أُمَرَاء مصر حَتَّى خلع السُّلْطَان الْملك الْكَامِل شعْبَان وأجلسوا مَكَانَهُ أَخَاهُ السُّلْطَان الْملك المظفر أَمِير حَاج وسلموا إِلَيْهِ أَخَاهُ الْكَامِل فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ، وناب عَن المظفر بِمصْر الْحَاج أرقطاي المنصوري، وَلما تمّ هَذَا الْأَمر تصدق يلبغا فِي المملكة الحلبية وَغَيرهَا بِمَال كثير ذهب وَفِضة شكرا لله تَعَالَى، وَكَانَ هَذَا الْملك الْكَامِل سيء التَّصَرُّف يولي المناصب غير أَهلهَا بالبذل ويعزلهم عَن قريب ببذل غَيرهم، وَكَانَ يَقُول عَن نَفسه: أَنا ثعبان لَا شعْبَان.

الصفحة 332