كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

بعد مُدَّة لتكمل بِهِ الْعدة أُسْوَة بِمصْر ودمشق، وَفِي السّنة الَّتِي قبلهَا تجدّد بطرابلس قَاض حَنَفِيّ مَعَ الشَّافِعِي.
وفيهَا: فِي الْمحرم صليت بحلب صَلَاة الْغَائِب على القَاضِي شرف الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن ظافر الْهَمدَانِي الْمَالِكِي قَاضِي الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق وَقد أناف على الثَّمَانِينَ، كَانَ دينا خيرا متجملاً فِي الملبس وَهُوَ الَّذِي عاضد تنكز على نكبة قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين يُوسُف بن جملَة وَهَا هم قد الْتَقَوْا عِنْد الله تَعَالَى.
وَفِيه: ظهر بَين منبج وَالْبَاب جَراد عَظِيم صَغِير من بزر السّنة الْمَاضِيَة فَخرج عكسر من حلب وَخلق من فلاحي النواحي الحلبية نَحْو أَرْبَعَة آلَاف نفس لقَتله وَدَفنه وَقَامَت عِنْدهم أسواق وصرفت عَلَيْهِم من الرّعية أَمْوَال، وَهَذِه سنة ابْتَدَأَ بهَا الطنبغا الْحَاجِب من قبلهم.
قلت:
(قصد الشَّام جَراد ... سنّ للغلات سنا)

(فتصالحنا عَلَيْهِ ... وحفرنا ودفنا)

وفيهَا: فِي الْمحرم سَافر الْأَمِير نَاصِر الدّين بن المحسني بعكسر من حلب لتسكين فتْنَة بِبَلَد شيرز بَين الْعَرَب والأكراد قتل فِيهَا من الأكراد نَحْو خَمْسمِائَة نفس ونهبت أَمْوَال ودواب.
وفيهَا: فِي الْمحرم عزمت الأرمن على نكبة لأياس فأوقع بهم أَمِير أياس حسام الدّين مَحْمُود بن دَاوُد الشَّيْبَانِيّ وَقتل من الأرمن خلقا وَأسر خلقا وأحضرت الرؤوس والأسرى إِلَى حلب فِي يَوْم مشهود فَللَّه الْحَمد.
وفيهَا: منتصف ربيع الأول سَافر بيدمر البدري نَائِب حلب إِلَى مصر معزولاً أَنْكَرُوا عَلَيْهِ مَا اعْتَمدهُ فِي حق الْبِنْت من تيزين الْمُقدم ذكرهَا وَنَدم على ذَلِك حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ النَّدَم.
وَفِيه: وصل إِلَى حلب نائبها أرغون شاه الناصري فِي حشمة عَظِيمَة نقل إِلَيْهَا من صفد.
وَفِيه: قطعت الطّرق وأخيفت السبل بِسَبَب الْفِتْنَة بَين الْعَرَب لخُرُوج إمرة الْعَرَب عَن أَحْمد بن مهنا إِلَى سيف بن فضل بن عِيسَى.
قلت:
(نُرِيد لأهل مصر كل خير ... وقصدهم لنا حتف وحيف)

(وَهل يسمو لأهل الشَّام رمح ... إِذا استولى على العربان سيف)

وفيهَا: فِي ربيع الآخر قدم على كركر ولختا وَمَا يَليهَا عصافير كالجراد الْمُنْتَشِر فَتَنَازَعَ النَّاس إِلَى شيل الغلات بدارا وَهَذَا مِمَّا لم يسمع بِمثلِهِ.
وَفِيه: وصل تَقْلِيد القَاضِي شرف الدّين مُوسَى بن فياض الْحَنْبَلِيّ بِقَضَاء الْحَنَابِلَة

الصفحة 334