كتاب تاريخ ابن الوردي (اسم الجزء: 2)

ثَمَان ثَلَاثُونَ سنة وَثَمَانِية أشهر وَأَيَّام، وخلافته تسع عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر، وَأدْركت أمه أرجوان خِلَافَته وخلافه المستظهر بِاللَّه ابْنه، وَخِلَافَة المسترشد بِاللَّه ابْن ابْنه وَكَانَ الْمُقْتَدِي قوي النَّفس عَظِيم الهمة، وَكَانَ بركيا روق لما توفّي الْمُقْتَدِي بِبَغْدَاد فَبَايع " للمستظهر بِاللَّه " أبي الْعَبَّاس أَحْمد وَهُوَ ثامن عشرهم، وعمره إِذن سِتّ عشرَة سنة وشهران.
" مقتل أقسنقر ": لما عَاد تتش من أذربيجان أَكثر الجموع وَجمع أقسنقر وأمده بركيا روق بالأمير كربغا وقاتلوا تتش عِنْد نهر سبعين قَرِيبا من تل سُلْطَان عَن حلب سِتَّة فراسخ فَصَارَ بعض عَسْكَر أقسنقر مَعَ تتش وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ وَثَبت أقسنقر، فَأسر فَقَالَ لَهُ تتش: لَو ظَفرت بِي مَا كنت صنعت؟ قَالَ: كنت أَقْتلك فَقتله صبرا وَسَار إِلَى حلب فملكها وَأسر بوزان وَقَتله وَأسر كربغا وأرسله إِلَى حمص وسجنه بهَا، وَاسْتولى على حران والرها ثمَّ على الْبِلَاد الجزرية وديار بكر وخلاط وَسَار إِلَى أذربيجان فملكها ثمَّ هَمدَان وَأرْسل يطْلب الْخطْبَة بِبَغْدَاد فَأُجِيب وَبلغ بركيا روق اسْتِيلَاء عَمه على أذربيجان فَسَار إِلَى إربل وَمِنْهَا إِلَى بلد سرخاب بن بدر الْكرْدِي إِلَى أَن أقرب من عَسْكَر عَمه تتش وَلم يكن مَعَ بركيا روق غير ألف رجل وَمَعَ عَمه خَمْسُونَ ألفا فكبست فرقة مِنْهُم بركيا روق فهرب إِلَى أَصْبَهَان وَكَانَت ترْكَان خاتون قد مَاتَت فَدخل أَصْبَهَان وَبهَا أَخُوهُ مَحْمُود فاحتاط عَلَيْهِ جمَاعَة من عَسْكَر مَحْمُود وَأَرَادُوا أَن يسلموه فلحق مَحْمُودًا جدري مَاتَ مِنْهُ سلخ شَوَّال مِنْهَا فَفرج الله بذلك لبركيا روق، ثمَّ جدر بركيا روق وعوفي وَاجْتمعت عَلَيْهِ العساكر.
وفيهَا: توفّي بِمصْر أَمِير الجيوش بدر الجمالي وَقد جَاوز الثَّمَانِينَ، وَقَامَ بعد فِي الرُّجُوع إِلَى قَوْله بِمصْر ابْنه الْأَفْضَل.
وفيهَا ثامن ذِي الْحجَّة توفّي " الْمُسْتَنْصر بِاللَّه " أَبُو تَمِيم معد بن أبي الْحسن عَليّ بن الظَّاهِر بن الْحَاكِم وخلافته سِتُّونَ سنة وَأَرْبَعَة أشهر وعمره سبع وَسِتُّونَ وَلَقي شَدَائِد أخرج فِيهَا أَمْوَاله إِلَّا سجادة يجلس عَلَيْهَا وَهُوَ صابر وَولي بعده ابْنه أَبُو الْقَاسِم أَحْمد المستعلي بِاللَّه.
وفيهَا: توفّي أَمِير مَكَّة مُحَمَّد بن أبي هَاشم الْحُسَيْنِي وَقد جَاوز سبعين سنة وتولاها بعده ابْنه قَاسم بن أبي هَاشم.
وفيهَا: فِي رَمَضَان توفيت ترْكَان خاتون زَوْجَة ملكشاه وَلم يكن بَقِي مَعهَا غير قَصَبَة أَصْبَهَان.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا نَهَضَ القواد بسمرقند وقبضوا ملكهم أَحْمد خَان وَأَقَامُوا خصوماً ادعوا عَلَيْهِ عِنْد الْقُضَاة بالزندقة فَأنْكر فَشهد عَلَيْهِ بذلك جمع فأفتوا بقتْله فخنق وَجلسَ ابْن عَمه مَسْعُود مَكَانَهُ.
وفيهَا: سَار بركيا روق لما عوفي من الجدري بالعساكرمن أَصْبَهَان إِلَى عَمه تتش واقتتلوا قرب الرّيّ فَانْهَزَمَ عَسْكَر تتش وَثَبت هُوَ فَقتل فِي صفر مِنْهَا، واستقامت السلطنة لبركيا روق وَالله يحكم لَا معقب لحكمه.

الصفحة 7