كتاب قواطع الأدلة في الأصول (اسم الجزء: 2)

فصل: وأما انعقاد الإجماع بالفعل فكل فعل لم يخرج مخرج الحكم والبيان لا ينعقد به الاجماع.
كما أن ما لم يخرج من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم مخرج الشرع لم يثبت به الشرع وأما الذي خرج من الأفعال مخرج الحكم والبيان يصح أن ينعقد به الإجماع لأن الشرع يوجد من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما يوجد من قوله فإن اجتمع القول والفعل فلا شك في انعقاد الإجماع لأنه إذا انعقد الإجماع فكل واحد منهما على الانفراد منهما أولى.
مسألة: اتفاق أهل الإجماع شرط في انعقاد الإجماع وإن خالف واحد أو اثنان ينعقد الإجماع.
وقال محمد بن جرير الطبرى: ينعقد ولا يعتد بخلاف الواحد والاثنين. وقيل: إنه قول أحمد بن حنبل رضى الله عنه وهو قول بعض المعتزلة ويقال: إنه قول أبى الحسين الخياط أستاذ الكعبى1 واستدل من قال بقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: 143] وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتى على الضلالة" 2 "قالوا: وهذه الأشياء حقيقة تتناول جميع المسلمين وجماعة الأمة وإن شذ منهم الواحد فخرج منهم كما أن الإنسان يقول رأيت بقرة سوداء [وإن] 3 كان فيها شعيرات بيض ويقول أكلت منها رمانة وإن سقطت منها حبة وتعلقوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالسواد الأعظم"4 وأهل العصر كلهم إلا الواحد والاثنين
__________
1 انظر نهاية السول "3/305, 306" لنظر المحصول "2/85" انظر إحكام الأحكام "1/366" روضة الناظر "124" المعتمد "2/29" انظر أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "3/171".
2 أخرج الترمذي: الفتن "4/466" ح "2167" عن ابن عمر وقال: هذا حديث غريب: وابن ماجه: الفتن "2/1303" ح "3950" عن أنس وقال في الزوائد: في إسناده أبو خلف الأعمى واسمه حازم بن عطاء وهو ضعيف. وانظر تلخيص الحبير "3/162" ح "8".
3 ثبت في الأصل "فإن".
4 أخرجه ابن ماجه: الفتن "2/1303" ح "3950" وإسناده ضعيف عن أنس وأحمد: المسند "4/340" ح "18479" عن النعمان بن بشير.

الصفحة 12