كتاب قواطع الأدلة في الأصول (اسم الجزء: 2)

الرمانة وإن سقطت منها حبات ويقال في العرف: رأيت بقرة سوداء وإن كان فيها شعيرات بيض فخرج الأقل من الكلام بالعرف وليس إذا نقل العرف من ذلك يجب أن ينقل غيره من الأسماء وأما تعلقهم بقوله صلى الله عليه وسلم "عليكم بالسواد الأعظم"1 قلنا السواد الأعظم جميع أهل العصر ولو كان المراد منه الأكثر لدخل تحته النصف من أهل العصر إذا نادوا على النصف الآخر بواحد أو اثنين أو ثلاثة وأما قوله: يوصف الواحد إذا خالف بالشذوذ قلنا لا نسلم أنه يطلق عليه هذا الاسم إلا إذا خالف بعد ما وافق. وأما قولهم: إنهم أنكروا على ابن عباس خلافه في الربا قلنا إنما أنكروا عليه لأجل خبر أبى سعيد لا لأجل مخالفته بقية الصحابة. وأما بيعة أبى بكر قلنا لا يثبت خلاف أحد أما سعد بن عبادة قد كان يظن أن للأنصار حقا في الخلافة وكذلك جماعة من الأنصار كانوا على هذا فلما روى أبو بكر رضى الله عنه ما روى رجعوا عنه وقول سلمان هو من حكاية الروافض فلا يثبت إليه وأما قولهم إن عليا امتنع من بيعة أبى بكر رضى الله عنهما إلى مدة قلنا الأصح أنه بايع وقد روى ذلك في بعض الروايات الصحيحة وعلى أنه إن روى ما قالوه من تأخير البيعة فرواية المثبت أولى من رواية النافى وأما استدلالهم بالخبر المتواتر ففيه جوابان: أحدهما: أن التواتر يقتضى القطع بالصدق ولا يقتضى القطع بالحق وأما الإجماع يقتضى القطع بالحق فمن أين أنه إذا أخبر جماعة يقتضى القطع بالصدق ما يوجب أن يكون قولهم يقتضى القطع بالحق لأن أخبار التواتر توجب العلم الضرورى على ما سبق وذلك علم يمكن للإنسان دفعه عن نفسه بخلاف خبر الواحد لأنه لا يوجب العلم الضرورى: ألا ترى أنه يمكن للإنسان دفعه عن نفسه وأما ها هنا فهو اجتهاد وغير يمتنع إصابة الأقل للصواب وأخطأ الأكثر لأن الإصابة ها هنا بالتوفيق ولا يمتنع أن يوفق الله الأقل ويحرم الأكثر قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269] .
__________
1 تقدم تخريجه وانظر كشف الخفاء للعجلوني "2/569" - "3223".

الصفحة 15