كتاب قواطع الأدلة في الأصول (اسم الجزء: 2)

مسألة: ذهب كافة الأمة من الصحابة والتابعين وجمهور الفقهاء إلى أن القياس الشرعى أصل من أصول الشرع:
ويستدل به [على] 1 الأحكام التي لم يرد بها السمع وذهب طائفة إلى إبطال القياس وقالوا: لا يجوز أن يستدل به على حكم في فرع وهذا قول إبراهيم النظام ومن تبعه وهو قول داود بن على ومن تبعه من أهل الظاهر والقاشانى والمغربى والقيروانى وهو قول الشيعة أيضا واختلف هؤلاء في طريق نفيه فقال بعضهم إن التعبد بالقياس قبيح من حيث الفعل وإنما بطل القياس لأن العقل مانع منه ولو لم يمنع منه جاز أن يرد الشرع به وقال بعضهم: لا يقبح من حيث العقل ولكن الشرع منع منه ولو لم يمنع كان جائزا وقال بعضهم: إنما بطل لأن الشرع لم يرد به ولو ورد به كان جائزا وقال بعضهم: إنما بطل القياس لضعف البيان الحاصل به وقال بعضهم إنما بطل لأن [الشرعيات] 2 مصالح والمصالح لا يعلمها إلا الله عز وجل وهذا قول النظام. وقال بعضهم: إنما بطل لأنه كان حجة ضرورة ولا ضرورة في كون القياس حجة3.
__________
1 ثبت في الأصل "عن" والصحيح ما أثبتناه.
2 كشط في الأصل.
3 قد ذكر المصنف الأدلة ولكننا نصوغها بطريقة أخرى للتسهيل على القارئ:
اتفق الأصوليون على أن القياس حجة في الأمور الدنيوية لأنه يفيد الظن بالحكم والظن كاف فيها واختلفوا في كونه حجة في الأمور الشريعة:
1- فذهب الجمهور إلى أن التعبد به جائز عقلا ويجب العمل به شرعا فقط.
2- وقال القفال الشاشي من الشافعية وأبو الحسين البصري من المعتزلة: إن العمل به واجب شرعا وعقلا لا فرق في المذهبين بين أن يكون القياس منصوص العلة وغير منصوصها ولا بين أن يكون جليا ولا خفبا.
3- وذهب القاشاني والنهرواني وداود بن علي الأصفهاني إلى أن التعبد بالقياس واجب شرعا في صورتين وفيما عداهما يحرم العمل به ولا دخل للعقل في الإيجاب ولا في التحريم.
يقول الشارع: الخمر حرام للإسكار فيقاس النبيذ عليها.
الصورة الثانية: أن يكون الفرع بالحكم أولى من الأصل مثل قياس الضرب على التأفف بجامع الإيذاء ليثبت له التحريم فإن الضرب أقل بالتحريم من التأفيف لشدة الإيذاء فيه.
4- وقال ابن حزم الظاهري وأتباعه إن التعبد بالقياس جلئز عقلا ولكن الشرع لم يوجد فيه ما يدل على وجوب العمل به.
5- وقال الشيعة الإمامية والنظام في أحد النقلين عنه أن التعبد بالقياس محال عقلا انظر نهاية السول "4/7, 8, 9ط فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت "2/310" المستصفى للغزالي "2/234" المعتمد "2/214" المحصول "2/245" روعة الناظر "251" أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير "4/17, 18".

الصفحة 72