كتاب قواطع الأدلة في الأصول (اسم الجزء: 2)

العقل وكذلك في باب الأنكحة فلا يدرى كيف يتمشى هذا الأصل الذي زعموه. فإن قالوا: يستصحب الحال فيما لا دليل فيه. قلنا: استصحاب الحال في العقود مع الاختلاف متعذر متناقض لأنه ما من حكم يتسصحب فيه حالة لإثباته إلا ويعارضه ما يوجب نفيه. أنه إذا وقع الاختلاف في فسخ النكاح بالعيب. ألا ترى: فالاستصحاب من أحد الجانبين يوجب الفسخ والاستصحاب من الجانب الآخر يمنع الفسخ وكذلك إذا اشترى جارية ثيبة ووطئها. ثم اطلع على عيب بها وأراد ردها فإن الاستصحاب في أحد الجانبين يوجب الرد وفى الجانب الآخر يمنع الرد فثبت أن الضرورة التي ادعيناها متحققة قطعا والذي قالوه خيرا من كلامهم أن الفكر في معاني النصوص وأشارتها وقضاياها تغنى عن القياس مجرد دعوى ونحن نعلم بطريق القطع وجود حوادث لا تدل عليها النصوص بوجه ألا ترى أنا وجدنا حوادث اختلف الصحابة فيها وقال كل أحد بخلاف ما قال صاحبه ولم يحتج أحد منهم على الآخر بنص ولا بمعنى نص ولو كانت النصوص تتناول جميع الحوادث لاحتجوا بها وإن رجعوا إلى قضية العقل فقد سبق إبطاله وعلى أن تناول العقل حكم الحادثة إنما يقتضى إثبات حكمة فيها ويغنى عمن سواه إذا لم ينقل عن العقل دليل شرعى فعليهم أن يثبتوا أن القياس ليس بدليل شرعى يوجب الانتقال عن قضية العقل هذا إذا كان القياس غير مطابق لحكم العقل وأما إذا كان مطابقا له فما المانع أن يدل هو على الحكم إيجاد مع العقل كما يدل العقل على الحادثة مع خبر الواحد فبطل ما قالوه من كل وجه.
طريقة ثالثة في إثبات القياس:
فهو التمسك بإجماع الصحابة وذلك أنهم اختلفوا في أمر من أمور الدين فصار كل واحد منهم إلى نوع من القياس فلم ينكر صاحبه ذلك منه مع إنكاره عليه قضية حكمه كمسألة الجد1 والمشتركة وميراث ذوي الأرحام فإن الاختلاف بينهم في هذه
__________
1 قال الكلوذاني: اعلم أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في توريث الجد مع الإخوة والأخوات فروى عن أبي بكر الصديق وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عباس وعائشة وأبي هريرة وأبي الدرداء وأبي الطفيل وأبي موسى وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله وعبادة =

الصفحة 86