كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَلَا يُعْلَى سَمِعْتُ قَوْلًا يَأْخُذُ الْقُلُوبَ قَالُوا: مَجْنُونٌ قَالَ: لَا، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ وَلَا بِخَنْقِهِ وَلَا بِوَسْوَسَتِهِ وَلَا رِعْشَتِهِ قَالُوا: كَاهِنٌ قَالَ: قَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكُهَّانِ وَلَا بِسَجْعِهِمْ ثُمَّ حَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَنَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَكَابَرَ حِسَّهُ فَقَالَ: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إلا قول البشر}
مسألة في أن التحدي إنما وقع للإنس دون الجن
التَّحَدِّي إِنَّمَا وَقَعَ لِلْإِنْسِ دُونَ الْجِنِّ لِأَنَّ الْجِنَّ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الَّذِي جَاءَ الْقُرْآنُ عَلَى أَسَالِيبِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرُوا فِي قَوْلِهِ: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ} تَعْظِيمًا لِإِعْجَازِهِ لِأَنَّ الْهَيْئَةَ الِاجْتِمَاعِيَّةَ لَهَا مِنَ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِلْأَفْرَادِ فَإِذَا فُرِضَ اجْتِمَاعُ جَمِيعِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَظَاهَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَعَجَزُوا عَنِ الْمُعَارَضَةِ كَانَ الْفَرِيقُ الْوَاحِدُ أَعْجَزَ وَنَظِيرُهُ فِي الْفِقْهِ تَقَدُّمُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ مَعَ أَنَّ الْأُمُومَةَ لَيْسَ لَهَا مَدْخَلٌ فِي النِّكَاحِ
فَصْلٌ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْلَمُ إِعْجَازُ الْقُرْآنِ ضَرُورَةً
قَالَ الْقَاضِي: ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى أَنَّ ظُهُورَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

الصفحة 111