كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قد سلف} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ موسى}
ويحكى أنه سمع أعرابي قارئا يقرأ {يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عظيم} قال: كسرت إنما قال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ.... إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} فَقِيلَ لَهُ: هَذَا الْقُرْآنُ وَلَيْسَ بِشِعْرٍ
فَالْجَوَابُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ الْفُصَحَاءَ مِنْهُمْ لَمَّا أُورِدَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَوِ اعتقدوه شعرا ولم يروه خارجا عن أساليبهم لَبَادَرُوا إِلَى مُعَارَضَتِهِ لِأَنَّ الشِّعْرَ مُنْقَادٌ إِلَيْهِمْ فلما لم يعمدا إِلَى ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوا فِيهِ ذَلِكَ فَمَنِ اسْتَدْرَكَ فِيهِ شِعْرًا زَعَمَ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ مُلُوكُ الْكَلَامِ مَعَ شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِلَى الطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ وَالْغَضِّ مِنْهُ وَالتَّوَصُّلِ إِلَى تَكْذِيبِهِ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ فَلَنْ يَجُوزَ أَنْ يَخْفَى عَلَى أُولَئِكَ وَأَنْ يَجْهَلُوهُ وَيَعْرِفَهُ مَنْ جَاءَ الْآنَ فَهُوَ بِالْجَهْلِ حَقِيقٌ

الصفحة 116