كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ بِهِ" مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبراهيم حنيفا}
وَبِتَصْدِيقِ كَلِمَةِ اللَّهِ اتَّبَعَهُ كَوْنًا وَمِلَّةً وَهَكَذَا حَالُهُ حَيْثُ جَاءَتْ صِدْقًا وَعَدْلًا فَتَطَلَّبْ صِدْقَ كَلِمَاتِهِ بِتَرْدَادِ تِلَاوَتِكَ لِكِتَابِهِ وَنَظَرِكَ فِي مَصْنُوعَاتِهِ فَهَذَا هُوَ قَصْدُ سَبِيلِ الْمُتَّقِينَ وَأَرْفَعُ مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ قَالَ تَعَالَى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يؤمن بالله وكلماته} وَقَالَ لِزَكَرِيَّا: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بكلمة من الله وسيدا} ولما كان عيسى عليه السلام من أسماء كَلِمَاتِهِ لَمْ يَأْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِذَنَبٍ لِطَهَارَتِهِ وَزَكَاتِهِ
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا ينام" في قوله: {سنة ولا نوم} وَقَوْلُهُ: "وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ" مِنْ قوله: {القيوم} وَفَسَّرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ" وَمِصْدَاقُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ ممن تشاء وتعز من تشاء}
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ" وَقَالَ: "الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أيام" و"رمضان إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} فَهَذَا رَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرِ الْعَامِ وَيَبْقَى شَهْرَانِ دَاخِلَانِ فِي كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُسْنِ مُعَامَلَتِهِ

الصفحة 135