كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

قُلْتُ: قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: "وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالَ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ" مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْجُمُعَةِ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إن كنتم تعلمون} وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الصَّوْمِ: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم إن كنتم تعلمون} أَشَارَ إِلَى سِرٍّ فِي الْجُمُعَةِ وَفَضْلٍ عَظِيمٍ أَرَاهُمَا الزِّيَارَةَ وَالرُّؤْيَةَ فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَذَلِكَ أَشَارَ فِي الصِّيَامِ بقوله: {إن كنتم تعلمون} إِلَى سِرٍّ فِي الصِّيَامِ وَهُوَ حُسْنُ عَاقِبَتِهِ وَجَزِيلُ عَائِدَتِهِ فَنَبَّهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "لَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"
وَقَوْلُهُ وَقَدْ رَأَى أَعْقَابَهُمْ تَلُوحُ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ: "وَيْلٌ للأعقاب من النار" في مفهوم {فاغسلوا} فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إليهم} وَغَسَلَ هُوَ قَدَمَيْهِ وَعَمَّهُمَا غُسْلًا
وَقَالَ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يصيبهم عذاب أليم} مَعَ قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مهين}
وَقَوْلُهُ: "إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وخرج مِنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ" الْحَدِيثَ من قوله تعالى: {ولكن يريد ليطهركم} أَيْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تشكرون} أَيْ تَرْقَوْنَ فِي دَرَجَةِ الشُّكْرِ فَيَتَقَبَّلُ أَعْمَالَكُمُ القبول الأعلى

الصفحة 136