كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَكَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً فَلَهُ الشُّكْرُ وَالشُّكْرُ دَرَجَاتٌ" وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِأَنْ يَبْقَى مِنَ الْعَمَلِ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ فَضْلٌ وَهُوَ النَّافِلَةُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ لِمَنْ قَلَّتْ ذُنُوبُهُ وَكَثُرَتْ صَالِحَاتُهُ فَذَلِكَ الشُّكْرُ وَمَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ وَقَلَّتْ صَالِحَاتِهِ فَأَكَلَتْهَا الْكَفَّارَاتُ فَذَلِكَ الْمَرْجُوُّ لَهُ دُخُولُ الْجَنَّةِ وَمَنْ زَادَتْ ذُنُوبُهُ فَلَمْ تَقُمْ صَالِحَاتُهُ بِكَفَّارَةِ ذُنُوبِهِ فَذَلِكَ الْمَخُوفُ عَلَيْهِ {إِلَّا أَنْ يشاء ربي شيئا}
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ" وَهَذَا كُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عليكم لعلكم تشكرون} وجاءت لام كي ها هنا إِشْعَارًا وَوَعْدًا وَبِشَارَةً لَهُمْ بِنِعَمٍ أُخْرَى وَارِدَةٍ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّرَائِعِ لَمْ تَأْتِ بَعْدُ وَلِذَلِكَ قَالَ يَوْمَ الْإِكْمَالِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ الْأَذَانِ وَكَيْفِيَّتِهِ بِقَوْلِهِ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" مِنْ قَوْلِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ والملائكة وأولو العلم} وَتَكْرَارُهَا فِي قَوْلِهِ: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}
وَقَوْلُهُ: "أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" فِي قوله تعالى: {محمد رسول الله}

الصفحة 137