كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

للخصوص وهي للعقل وللطائف للأولياء وهي المشاهد والحقائق للأنبياء وهي الاستسلام
وللكل وَصْفٍ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ وَحَدٌّ وَمَطْلَعٌ فَالظَّاهِرُ التِّلَاوَةُ وَالْبَاطِنُ الْفَهْمُ وَالْحَدُّ إِحْكَامُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْمَطْلَعُ أَيِ الْإِشْرَاقِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فَمَنْ فَهِمَ هَذِهِ الْمُلَاحَظَةَ بِانَ لَهُ بَسْطُ الْمُوَازَنَةِ وَظَهَرَ له حال المعاينة وفي صحيح ابن حيان عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ لِكُلِّ آيَةٍ مِنْهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ"
ثُمَّ فَوَائِدُهُ عَلَى قَدْرِ مَا يُؤَهِّلُ لَهُ سَمْعُهُ فَمَنْ سَمِعَهُ مِنَ التَّالِي فَفَائِدَتُهُ فِيهِ عِلْمُ إِحْكَامِهِ وَمِنْ سَمِعَهُ كَأَنَّمَا يَسْمَعُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهُ عَلَى أُمَّتِهِ بِمَوْعِظَتِهِ وَتِبْيَانِ مُعْجِزَتِهِ وَانْشِرَاحِ صَدْرِهِ بِلَطَائِفِ خِطَابِهِ وَمَنْ سَمِعَهُ كَأَنَّمَا سَمْعَهُ مِنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْرَؤُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَاهِدُ فِي ذَلِكَ مُطَالَعَاتِ الْغُيُوبِ وَالنُّطْقِ إِلَى مَا فِيهِ مِنَ الْوُعُودِ وَمَنْ سَمِعَ الْخِطَابَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ فَنِيَ عِنْدَهُ وَامَّحَتْ صِفَاتُهُ وَصَارَ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ التَّحْقِيقِ عَنْ مُشَاهَدَةِ عِلْمِ الْيَقِينِ وَعَيْنِ الْيَقِينِ وَحَقِّ الْيَقِينِ وَقَدْ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَفْقَهُ الرَّجُلُ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ والآخرين فليثور القرآن
قال ابن سبع في شِفَاءِ الصُّدُورِ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَفْسِيرِ الظَّاهِرِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لِكُلِّ آيَةٍ سِتُّونَ أَلْفَ فَهْمٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ فَهْمِهَا أَكْثَرُ وَقَالَ آخَرُ: الْقُرْآنُ يَحْوِي سَبْعَةً وَسَبْعِينَ أَلْفَ عِلْمٍ وَمِائَتَيْ عِلْمٍ

الصفحة 154