كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

فصل فيما يجب على المفسر البداءة به
الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُفَسِّرِ الْبَدَاءَةُ بِهِ الْعُلُومُ اللَّفْظِيَّةُ وَأَوَّلُ مَا يَجِبُ الْبَدَاءَةُ بِهِ مِنْهَا تَحْقِيقُ الْأَلْفَاظِ الْمُفْرَدَةِ فَتَحْصِيلُ مَعَانِي الْمُفْرَدَاتِ مِنْ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ مَنْ أَوَائِلِ الْمَعَادِنِ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ مَعَانِيَهُ وَهُوَ كَتَحْصِيلِ اللَّبِنِ مِنْ أَوَائِلِ الْمَعَادِنِ فِي بِنَاءِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَهُ
قَالُوا: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ فَقَطْ بَلْ هُوَ نَافِعٌ فِي كُلِّ عِلْمٍ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ كَمَا قَالُوا: إِنَّ الْمُرَكَّبَ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِمُفْرَدَاتِهِ لِأَنَّ الْجُزْءَ سَابِقٌ عَلَى الْكُلِّ فِي الْوُجُودِ مِنَ الذِّهْنِيِّ وَالْخَارِجِيِّ فَنَقُولُ النَّظَرُ فِي التَّفْسِيرِ هُوَ بِحَسَبِ أَفْرَادِ الْأَلْفَاظِ وَتَرَاكِيبِهَا
وَأَمَّا بِحَسَبِ الْأَفْرَادِ فَمِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ:
مِنْ جِهَةِ الْمَعَانِي الَّتِي وُضِعَتِ الْأَلْفَاظُ الْمُفْرَدَةُ بِإِزَائِهَا وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ اللُّغَةِ
وَمِنْ جِهَةِ الْهَيْئَاتِ وَالصِّيَغِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ وَهُوَ مِنْ عِلْمِ التَّصْرِيفِ
وَمِنْ جِهَةِ رَدِّ الْفُرُوعِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْأُصُولِ إِلَيْهَا وَهُوَ مِنْ عِلْمِ الِاشْتِقَاقِ
وَأَمَّا بِحَسَبِ التَّرْكِيبِ فَمِنْ وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ:
الْأَوَّلُ: بِاعْتِبَارِ كَيْفِيَّةِ التَّرَاكِيبِ بِحَسَبِ الْإِعْرَابِ وَمُقَابِلِهِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مُؤَدِّيَةٌ أَصْلَ الْمَعْنَى وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمُرَكَّبُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِعِلْمِ النَّحْوِ

الصفحة 173