كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" يَعْنِي السُّنَّةَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي السُّنَّةِ يُرْجَعْ إِلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ أَدْرَى بِذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوهُ مِنَ الْقَرَائِنِ وَلِمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الْفَهْمِ الْعَجِيبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ يُرْجَعْ إِلَى النظر والاستنباط بالشرط السابق
مسألة فيما يجب على المفسر من التحوط في التفسير
وَيَجِبُ أَنْ يُتَحَرَّى فِي التَّفْسِيرِ مُطَابَقَةُ الْمُفَسَّرِ وَأَنْ يُتَحَرَّزَ فِي ذَلِكَ مِنْ نَقْصِ الْمُفَسِّرِ عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ إِيضَاحِ الْمَعْنَى الْمُفَسَّرِ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى زِيَادَةٌ لَا تَلِيقُ بِالْغَرَضِ أَوْ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُفَسِّرِ زَيْغٌ عَنِ الْمَعْنَى الْمُفَسَّرِ وَعُدُولٌ عَنْ طَرِيقِهِ حَتَّى يَكُونَ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لَهُ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ أَنْحَائِهِ بَلْ يَجْتَهِدُ فِي أَنْ يَكُونَ وَفْقَهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْحَاءِ وَعَلَيْهِ بِمُرَاعَاةِ الْوَضْعِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ وَمُرَاعَاةِ التَّأْلِيفِ وَأَنْ يُوَافِيَ بَيْنَ الْمُفْرَدَاتِ وَتَلْمِيحِ الْوَقَائِعِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَتَفَجَّرُ لَهُ يَنَابِيعُ الْفَوَائِدِ
وَمِنْ شَوَاهِدِ الْإِعْرَابِ قَوْلُهُ تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات} وَلَوْلَا الْإِعْرَابُ لَمَا عُرِفَ الْفَاعِلُ مِنَ الْمَفْعُولِ بِهِ
وَمِنْ شَوَاهِدِ النَّظْمِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّائِي لم يحضن} فَإِنَّهَا مُنْتَظِمَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهَا مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا بعدها

الصفحة 176