كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} ؟ الْآيَةَ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي النَّبِيِّينَ فَقَطْ لِقَوْلِهِ: {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مع نوح} وقوله: {وممن هدينا واجتبينا} وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ كَيْفَ وَقَدْ ذُكِرَتْ مَرْيَمُ وَهِيَ صِدِّيقَةٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهَا فِي الْأَنْبِيَاءِ خَاصَّةً فَهُمْ بَعْضُ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ فِي آيَةِ النِّسَاءِ صِنْفًا مِنَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ فَكَانَتْ آيَةُ النِّسَاءِ مِنْ حَيْثُ هِيَ عَامَّةٌ أَوْلَى بِتَفْسِيرِ قوله: {صراط الذين أنعمت عليهم} وَلِأَنَّ آيَةَ مَرْيَمَ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قوله: {اهدنا الصراط المستقيم}
وَالرَّغْبَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الثَّبَاتِ عَلَيْهَا هِيَ نَفْسُ الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا هُدِيَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى الطَّاعَةِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ آيَةَ النِّسَاءِ أَمَسُّ بِتَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَمْدِ مِنَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سورة مريم
فصل
قد يَكُونُ اللَّفْظُ مُقْتَضِيًا لِأَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُقْتَضِيًا لِأَمْرٍ وَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِذَلِكَ الِاسْمِ مِنْهُ وَلَهُ أمثلة: منها تفسيرهم السبع المثاني بِالْفَاتِحَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّ القرآن كله مثاني

الصفحة 196