كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

الْمُرَادُ: خَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَهِيَ وَاوُ مَعَ كَقَوْلِهِ: "لَوْ تُرِكَتِ النَّاقَةُ وَفَصِيلَهَا لَرَضَعَهَا"
وَقَدْ يَكُونُ لِلَّفْظِ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ طهرا بيتي للطائفين} ظَاهِرُهُ الْكَعْبَةُ وَبَاطِنُهُ الْقَلْبُ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَنَحْنُ نَقْطَعُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخِطَابِ إِبْرَاهِيمَ الْكَعْبَةُ لَكِنَّ الْعَالِمَ يَتَجَاوَزُ إِلَى الْقَلْبِ بِطَرِيقِ الِاعْتِبَارِ عِنْدَ قَوْمٍ وَالْأَوْلَى عِنْدَ آخَرِينَ وَمِنْ بَاطِنِهِ إِلْحَاقُ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ بِهِ وَمِنْ ظَاهِرِهِ عِنْدَ قَوْمٍ العبور فيه
فصل في ذكر الأمور التي تعين على المعنى عند الإشكال
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُمُورٌ
أَحَدُهَا: رَدُّ الْكَلِمَةِ لِضِدِّهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كفورا} أَيْ: وَلَا كَفُورًا وَالطَّرِيقَةُ أَنْ يُرَدَّ النَّهْيُ مِنْهُ إِلَى الْأَمْرِ فَنَقُولُ مَعْنَى: أَطِعْ هَذَا أَوْ هَذَا أَطِعْ أَحَدَهُمَا وَعَلَى هَذَا مَعْنَاهُ فِي النَّهْيِ وَلَا تُطِعْ وَاحِدًا مِنْهُمَا
الثَّانِي: رَدُّهَا إِلَى نَظِيرِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} فهذا عام وقوله: {فوق اثنتين} قَوْلٌ حُدَّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ وَأُرْخِيَ الطَّرَفُ الْآخَرُ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ لِأَنَّ أَوَّلُ مَا فَوْقَ الثِّنْتَيْنِ الثَّلَاثَ وَآخِرَهُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَقَوْلِهِ: {وإن كانت

الصفحة 199