كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ تَلَا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ} وَتَلَا: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرَجُوا وَقَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ
وَقَدْ سَبَقَ فِيهِ كَلَامٌ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ فِي مَعْرِفَةِ سَبَبِ النُّزُولِ فَاسْتَحْضِرْهُ
وَمِنْ هَذَا مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لَا أجد في ما أوحي إلي محرما} أَنَّهُ لَا مُتَمَسَّكَ فِيهَا لِمَالِكٍ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ فَأَجَابَهُمْ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَحَكَاهُ غَيْرُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
السَّابِعُ: السَّلَامَةُ مِنَ التَّدَافُعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الطَّوَائِفَ لَا تَنْفِرُ مِنْ أَمَاكِنِهَا وَبَوَادِيهَا جُمْلَةً بَلْ بَعْضُهُمْ لِتَحْصِيلِ التَّفَقُّهِ بِوُفُودِهِمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ أَعْلَمُوهُمْ بِمَا حَصَلَ لَهُمْ وَالْفَائِدَةُ فِي كَوْنِهِمْ لَا يَنْفِرُونَ جَمِيعًا عَنْ بِلَادِهِمْ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ فِي حِفْظِ مَنْ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْضِهِمْ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ نفيره

الصفحة 203