كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

الْخِيَارُ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لَكِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مُفَارَقَةُ الْأَجَلِ
وَقَوْلِهِ: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} وَالظَّاهِرُ يَقْتَضِي حَمْلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {فَلَا جُنَاحَ} بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "لَا بَأْسَ" وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَكِنَّ هَذَا الظَّاهِرَ مَتْرُوكٌ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَاجِبٌ وَلِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ التَّطَوُّعِ فَقَالَ: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خيرا} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ السَّابِقَ نَهْيٌ عَنْ تَرْكِ وَاجِبٍ لَا نَهْيٌ عَنْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ أَوْ مُسْتَحَبٍّ
وَقَدْ يَكُونُ الْكَلَامُ ظَاهِرًا فِي شَيْءٍ فَيُعْدَلُ بِهِ عَنِ الظَّاهِرِ بِدَلِيلٍ آخَرَ كقوله تعالى: {الحج أشهر معلومات} والشهر اسْمٌ لِثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فإن كان له إخوة فلأمه السدس} فَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْإِخْوَةِ لَكِنْ قَامَ الدَّلِيلُ مِنْ خَارِجٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ اثْنَانِ لِأَنَّهُمَا يَحْجُبَانِهَا عَنِ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ
فَصْلٌ في اشتراك اللفظ بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز
قَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ أَوْ حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا كَقَوْلِهِ تعالى: {لا يضار كاتب ولا شهيد} قِيلَ: الْمُرَادُ يُضَارِرْ وَقِيلَ: يُضَارَرْ أَيِ الْكَاتِبُ وَالشَّهِيدُ لَا يُضَارَرْ فَيَكْتُمُ الشَّهَادَةَ وَالْخَطَّ وَهَذَا أظهر

الصفحة 207