كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

رمى} ثُمَّ أَثْبَتُهُ لِسِرٍّ غَامِضٍ وَهُوَ أَنَّ الرَّمْيَ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ عَنَى بِهِ الرَّمْيَ بِالرُّعْبِ وَالثَّانِيَ عَنَى بِهِ بِالتُّرَابَ حِينَ رَمَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وُجُوهِ أَعْدَائِهِ بِالتُّرَابِ وَالْحَصَى وَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" فَانْهَزَمُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ يُخْبِرُهُ أَنَّ انْهِزَامَهُمْ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ التُّرَابِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَا أَوْقَعَ في قلوبهم من الرعب
فصل في الإجمال ظاهرا وأسبابه
وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنَ الْإِجْمَالِ فِي الظَّاهِرِ فَكَثِيرٌ وَلَهُ أَسْبَابٌ
أَحَدُهَا: أَنْ يَعْرِضُ مِنْ أَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشْتَرِكَةٍ وَقَعَتْ فِي التَّرْكِيبِ كَقَوْلِهِ تعالى: {فأصبحت كالصريم} قِيلَ: مَعْنَاهُ كَالنَّهَارِ مُبْيَضَّةً لَا شَيْءَ فِيهَا وقيل: كالليل مظلمة لاشيء فيها
وكقوله: {والليل إذا عسعس} قِيلَ: أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ
وَكَالْأُمَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وجد عليه أمة} بِمَعْنَى الْجَمَاعَةِ وَفِي قَوْلِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أمة} بِمَعْنَى الرَّجُلِ الْجَامِعِ لِلْخَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَبِمَعْنَى الدِّينِ فِي قَوْلِهِ

الصفحة 209