كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

العاشرة: الشرط والجزاء لابد أن يتغاير لَفْظًا وَقَدْ يَتَّحِدَانِ فَيُحْتَاجُ إِلَى التَّأْوِيلِ كَقَوْلِهِ: {إلا من تاب وآمن} والآية التي تليها: {من تاب وعمل صالحا} ثُمَّ قَالَ: {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} فَقِيلَ عَلَى حَذْفِ الْفِعْلِ أَيْ مَنْ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَإِنَّ التَّوْبَةَ مُعْرِضَةٌ لَهُ لَا يَحُولُ بينه بينها حائل ومثله: {فإذا قرأت القرآن} أَيْ: أَرَدْتَ وَيَدُلُّ لِهَذَا تَأْكِيدُ التَّوْبَةِ بِالْمَصْدَرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رحله فهو جزاؤه} فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهُ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ كَمَا هِيَ خَبَرُهُ عَلَى إِقَامَةِ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ وَالْأَصْلُ جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رِحْلِهِ فَهُوَ هُوَ فَوُضِعَ الْجَزَاءُ مَوْضِعَ هُوَ
وَقَوْلُهُ: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} قَدَّرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: "مَنْ يُرِدِ اللَّهُ هِدَايَتَهُ" فَلَا يَتَّحِدُ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} وَقَدْ سَبَقَ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ
وَقَدْ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تدخل النار فقد أخزيته} وَقَوْلِهِ: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فقد فاز} وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}

الصفحة 368