كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

كاف التشبيه وأن فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِأَنَّ فِيهَا مَا سَبَقَ وَزِيَادَةٌ
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِ أَيْ بَيْنِ قَوْلِكَ: كَأَنَّهُ أَسَدٌ وَبَيْنَ أَنَّهُ كَالْأَسَدِ أَنَّكَ مَعَ كَأَنَّ بَانٍ عَلَى التَّشْبِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ صَدْرِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ
وَقَالَ الْإِمَامُ فِي نِهَايَةِ الْإِيجَازِ: اشْتَرَكَ الْكَافُ وَكَأَنَّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّشْبِيهِ وَكَأَنَّ أبلغ وبذلك جزم حازم في منهج الْبُلَغَاءِ وَقَالَ: وَهِيَ إِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ حَيْثُ يَقْوَى الشَّبَهُ حَتَّى يَكَادَ الرَّائِي يَشُكُّ فِي أَنَّ الْمُشَبَّهَ هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ أَوْ غَيْرُهُ وَلِذَلِكَ قالت بلقيس: {كأنه هو}
الرَّابِعُ: "لَكِنْ" لِتَأْكِيدِ الْجُمَلِ ذَكَرَهُ ابْنُ عُصْفُورٍ وَالتَّنُوخِيُّ فِي "الْأَقْصَى" وَقِيلَ: لِلتَّأْكِيدِ مَعَ الِاسْتِدْرَاكِ وَقِيلَ لِلِاسْتِدْرَاكِ الْمُجَرَّدِ وَهِيَ أَنْ يُثْبِتَ لِمَا بَعْدَهَا حُكْمٌ يُخَالِفُ مَا قَبِلَهَا وَمِثْلُهَا "لَيْتَ" و"لعل" وَ"لَعَنَّ" فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ لِأَنَّهُمْ يُبَدِّلُونَ هَمْزَةَ أَنَّ الْمَفْتُوحَةَ عَيْنًا وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّهَا مِنَ الْمُؤَكِّدَاتِ التَّنُوخِيُّ
الْخَامِسُ: لَامُ الِابْتِدَاءِ نحو: {إن ربي لسميع الدعاء} وَهِيَ تُفِيدُ تَأْكِيدَ مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَلِهَذَا زَحْلَقُوهَا فِي بَابِ إِنَّ عَنْ صَدْرِ الْجُمْلَةِ كَرَاهِيَةَ ابتداء الكلام المؤكدين وَلِأَنَّهَا تَدُلُّ بِجِهَةِ التَّأْكِيدِ وَإِنَّ تَدُلُّ بِجِهَتَيْنِ الْعَمَلُ وَالتَّأْكِيدُ وَالدَّالُّ بِجِهَتَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّالِ بِجِهَةٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا جَاءَتْ مَعَ إِنَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَكْرَارِ الْجُمْلَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ إِنَّ أَفَادَتِ التَّكْرِيرَ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا دَخَلَتِ اللَّامُ صَارَتْ ثَلَاثًا

الصفحة 408