كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ "مَا" فِي قَوْلِهِ تعالى: {فبما رحمة} انْتَهَى
السَّابِعُ: ضَمِيرُ الْبَيَانِ لِلْمُذَكَّرِ وَالْقِصَّةِ لِلْمُؤَنَّثِ وَيُقَدِّمُونَهُ قَبْلَ الْجُمْلَةِ نَظَرًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَعْظِيمِ الْأَمْرِ فِي نَفْسِهِ وَالْإِطْنَابِ فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَهُ الشَّأْنُ وَالْقِصَّةُ وَعَادَتُهُمْ إِذَا أَرَادُوا ذِكْرَ جُمْلَةٍ قَدْ يُقَدِّمُونَ قَبْلَهَا ضَمِيرًا يَكُونُ كِنَايَةً عَنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ خَبَرًا عَنْهُ وَمُفَسِّرَةً لَهُ وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ التَّفْخِيمِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ أَنْ يَتَطَلَّعَ السَّامِعُ إِلَى الْكَشْفِ عَنْهُ وَطَلَبِ تَفْسِيرِهِ وَحِينَئِذٍ تُورَدُ الْجُمْلَةُ الْمُفَسِّرَةُ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ لِمُجَرَّدِ التَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أنا}
وَقَدْ يُفِيدُ مَعَهُ الِانْفِرَادُ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قل هو الله أحد} أَيِ: الْمُنْفَرِدُ بِالْأُحْدِيَّةِ
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ النُّحَاةِ: هو ضمير الشأن و"الله" مبتدأ ثان و"أحد" خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الثَّانِي وَالْمُبْتَدَأِ الثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى عَائِدٍ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ تَفْسِيرٌ لَهُ وَلِكَوْنِهَا مُفَسِّرَةً لَمْ يَجِبْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ أَنْ يَصِفَ رَبَّهُ فَنَزَلَتْ
وَمِنْهُ: {وَأَنَّهُ لما قام عبد الله} وَيَجُوزُ تَأْنِيثُهُ إِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ مُؤَنَّثٌ كقوله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار} فَالْهَاءُ فِي {فَإِنَّهَا} ضَمِيرُ الْقِصَّةِ وَ {تَعْمَى الْأَبْصَارُ} فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ إِنَّ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْلَمَ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ علماء بني إسرائيل}

الصفحة 410