كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)
بقراءة الياء و"أن يعلمه" مبتدأ وآية الْخَبَرُ وَالْهَاءُ ضَمِيرُ الْقِصَّةِ وَأَنَّثَ لِوُجُودِ آيَةٍ فِي الْكَلَامِ
الثَّامِنُ: تَأْكِيدُ الضَّمِيرِ وَيَجِبُ أَنْ يُؤَكَّدَ الْمُتَّصِلُ بِالْمُنْفَصِلِ إِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ تعالى: {اسكن أنت وزوجك الجنة} وقوله تعالى: {فاذهب أنت وربك}
وَقِيلَ: لَا يَجِبُ التَّأْكِيدُ بَلْ يُشْتَرَطُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آباؤنا} فَعَطَفَ {آبَاؤُنَا} عَلَى الْمُضْمَرِ الْمَرْفُوعِ وَلَيْسَ هُنَا تَأْكِيدٌ بَلْ فَاصْلٌ وَهُوَ "لَا"
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ بَعْدَ وَاوِ الْعَطْفِ وَالَّذِي يَقُومُ مَقَامَ التَّأْكِيدِ إِنَّمَا يَأْتِي قَبْلَ وَاوِ الْعَطْفِ كَالْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {فَاسْتَقِمْ كما أمرت ومن تاب معك}
وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَاصِلًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الملقين} فأكد السحر ضَمِيرَ أَنْفُسِهِمْ فِي الْإِلْقَاءِ دُونَ ضَمِيرِ مُوسَى حَيْثُ لَمْ يَقُولُوا: إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ أَنْتَ
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ أَحَبُّوا التَّقْدِيمَ فِي الْإِلْقَاءِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ يُقَرِّرُ عَظَمَتَهُ فِي أَذْهَانِ الْحَاضِرِينَ فَلَا يَرْفَعُهَا مَا يَأْتِي بَعْدَهَا عَلَى زَعْمِهِمْ وَإِنَّمَا ابْتَدَءُوا بِمُوسَى
الصفحة 411