كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

الْوَارِثِينَ الْأَوْلَادِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مِنَ الْأَوْلَادِ لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الَّذِي سِيقَ لَهُ الْكَلَامُ فَقَدْ دَخَلَتْ الِاثْنَانِ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى
وَيَجُوزُ أَنَّ تَبْقَى الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَيَخْتَصُّ هَذَا الْجَوَابُ بِهَذِهِ
قُلْتُ: وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ أُخَرُ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَلَامٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ فَإِنْ كَانَ من ترك اثنتين وهذا مفيد فَأَضْمَرَهُ عَلَى مَا بَعْدُ وَ"مَنْ" يَسُوغُ مَعَهَا ذِكْرُ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ فَإِذَا وَقَعَ الضَّمِيرُ مَوْقِعَ "مَنْ" جَرَى مَجْرَاهَا فِي جَوَازِ الْإِخْبَارِ عَنْهَا بِالِاثْنَيْنِ
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى أُصُولِهَا الْمَرْفُوضَةِ كَقَوْلِهِ تعالى: {استحوذ عليهم الشيطان} وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْأَعْدَادِ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ أَنْ تُضَافَ إِلَى الْمَعْدُودِ كَثَلَاثَةِ رِجَالٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ اثْنَيْنِ رَجُلٍ وَوَاحِدِ رَجُلٍ وَلَكِنَّهُمْ رَفَضُوا ذَلِكَ لِأَنَّكَ تَجِدُ لَفْظَةً تَجْمَعُ الْعَدَدَ وَالْمَعْدُودَ فَتُغْنِيكَ عَنْ إِضَافَةِ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُكَ: رَجُلَانِ وَرَجُلٌ وليس كذلك ما فوق الاثنتين أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: ثَلَاثَةُ لَمْ يُعْلَمِ الْمَعْدُودُ مَا هُوَ؟ وَإِذَا قُلْتَ: رِجَالٌ لَمْ يُعْلَمْ عَدَدُهُمْ مَا هُوَ فَأَنْتَ مُضْطَرٌّ إِلَى ذِكْرِ الْعَدَدِ وَالْمَعْدُودِ فَلِذَلِكَ قِيلَ: كَانَ الرجال ثلاثة ولم يقل: كان الرجلان اثنتين وَلَا الرَّجُلَانِ كَانَا اثْنَيْنِ فَإِذَا اسْتُعْمِلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ اسْتِعْمَالًا لِلشَّيْءِ الْمَرْفُوضِ كَقَوْلِهِ:
*ظَرْفُ عَجُوزٍ فِيهِ ثِنْتَا حَنْظَلِ*

الصفحة 438