كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

الطُّمَأْنِينَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِانْشِرَاحِ الصَّدْرِ بِمَعْرِفَةِ التَّوْحِيدِ وَالْوَجَلُ يَكُونُ عِنْدَ خَوْفِ الزَّيْغِ وَالذَّهَابِ عَنِ الْهُدَى فَتَوْجَلُ الْقُلُوبُ لِذَلِكَ وقد جمع بينهما في قوله: {قشعر مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ سَكَنَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَى مُعْتَقَدِهِمْ وَوَثِقُوا بِهِ فَانْتَفَى عَنْهُمُ الشَّكُّ
وَكَقَوْلِهِ: {خَمْسِينَ ألف سنة} وفي موضع {ألف سنة} وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ بِدَلِيلِ: {وكان يوما على الكافرين عسيرا} وكقوله: {بألف من الملائكة مردفين} وفي آية أخرى: {ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين} قِيلَ: إِنَّ الْأَلْفَ أَرْدَفَهُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَكَانَ الْأَكْثَرُ مَدَدًا لِلْأَقَلِّ وَكَانَ الْأَلْفُ مُرْدَفِينَ بِفَتْحِهَا
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جميعا ثم استوى إلى السماء} وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فَالْأَوَّلُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا خُلِقَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ ثُمَّ دُحِيَتِ الْأَرْضُ بَعْدَ خَلْقِ السَّمَاءِ وَبِذَلِكَ تَتَّفِقُ مَعَانِي الْآيَاتِ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ والمؤمن والنازعات

الصفحة 62