كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} وقوله: {قل أإنكم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} إِلَى قَوْلِهِ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وَذَلِكَ يَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بقوله: {قل أإنكم لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} مَعَ الْيَوْمَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَلَمْ يُرِدْ بِذِكْرِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْفَصِيحُ سِرْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَسِرْتُ إِلَى الْكُوفَةِ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا يُرِيدُ سِوَى الْعَشَرَةِ بَلْ يُرِيدُ مَعَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةً ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {قضاهن سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وَأَرَادَ سِوَى الْأَرْبَعَةِ وَذَلِكَ لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ يَكُونُ سِتَّةً
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي السَّجْدَةِ: {عَذَابَ النار الذي كنتم به تكذبون} بِلَفْظِ الَّذِي عَلَى وَصْفِ الْعَذَابِ وَفِي سَبَأٍ {عذاب النار التي} بِلَفْظِ الَّتِي عَلَى وَصْفِ النَّارِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ وَصَفَ الْعَذَابَ فِي السَّجْدَةِ لِوُقُوعِ النَّارِ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ الَّذِي لَا يُوصَفُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ لِتَقَدُّمِ إِضْمَارِهَا مَعَ قَوْلِهِ: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} فَحَقُّ الْكَلَامِ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَهَا فَلَمَّا وَضَعَهَا مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْوَصْفَ

الصفحة 63