كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

فَاقْتَضَى الِاخْتِصَاصُ الِاخْتِصَاصَ الْآخَرَ فِي قَوْلِهِ: {وَلِتُصْنَعَ على عيني} بخلاف قوله: {تجري بأعيننا} واصنع الفلك بأعيننا فَلَيْسَ فِيهِ مِنَ الِاخْتِصَاصِ مَا فِي صُنْعِ مُوسَى عَلَى عَيْنِهِ سُبْحَانَهُ
قَالَ السُّهَيْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَأَمَّا النَّفْسُ فَعِبَارَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْوُجُودِ دُونَ مَعْنًى زَائِدٍ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ مِنْ لَفْظِهَا النَّفَاسَةُ وَالشَّيْءُ النَّفِيسُ فَصَلُحَتْ لِلتَّعْبِيرِ عَنْهُ سُبْحَانَهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمَجَازِيَّةِ وَأَمَّا الذَّاتُ فَقَدِ اسْتَوَى أَكْثَرُ النَّاسِ بِأَنَّهَا مَعْنَى النَّفْسِ وَالْحَقِيقَةِ وَيَقُولُونَ ذَاتُ الْبَارِئِ هِيَ نَفْسُهُ وَيُعَبِّرُونَ بِهَا عَنْ وُجُودِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ ثَلَاثُ كِذْبَاتٍ كُلُّهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ
قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ إِذَا اسْتَقْرَيْتَهَا فِي اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ كَمَا زَعَمُوا وَإِلَّا لَقِيلَ عَبَدْتُ ذَاتَ اللَّهِ وَاحْذَرْ ذَاتَ اللَّهِ وَهُوَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَلَا يُقَالُ إِلَّا بِحَرْفٍ فِي الْمُسْتَحِلِّ مَعْنَاهُ فِي حَقِّ الْبَارِئِ تَعَالَى لَكِنْ حَيْثُ وَقَعَ فَالْمُرَادُ بِهِ الدِّيَانَةُ وَالشَّرِيعَةُ الَّتِي هِيَ ذَاتُ اللَّهِ فَذَاتٌ وَصْفٌ لِلدِّيَانَةِ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَقَدْ بَانَ غَلَطُ مَنْ جَعَلَهَا عِبَارَةً عَنْ نَفْسِ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ وَمِنْهُ إِطْلَاقُ الْعَجَبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي قوله: {بل عجبت} عَلَى قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُمْ قَدْ حَلُّوا مَحَلَّ مَنْ يُتَعَجَّبُ مِنْهُمْ قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْعَجَبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِنْكَارُ الشَّيْءِ وَتَعْظِيمُهُ وَهُوَ لُغَةُ

الصفحة 88