كتاب البرهان في علوم القرآن (اسم الجزء: 2)

الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي مُوسَى بِالسَّحَرَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا جَعَلَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ بِالْوَجْهِ الشَّهِيرِ أَبْرَعَ مَا تَكُونُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ الَّذِي أَرَادَ إِظْهَارَهُ فَكَانَ السحر في مدة موسى قَدِ انْتَهَى إِلَى غَايَتِهِ وَكَذَا الطِّبُّ فِي زَمَانِ عِيسَى وَالْفَصَاحَةُ فِي مُدَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
السَّابِعُ: أَنَّ وَجْهَ الْإِعْجَازِ الْفَصَاحَةُ وَغَرَابَةُ الْأُسْلُوبِ وَالسَّلَامَةُ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مُقْتَرِنًا بِالتَّحَدِّي وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا سَبَقَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} وَالْمُرَادُ: بِمِثْلِ نَظْمِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأْتُوا بسورة من مثله} وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي {مِنْ مثله} عائد على الله ضعيف بقوله: {بعشر سور مثله} وَالسِّيَاقُ وَاحِدٌ
الثَّامِنُ: مَا فِيهِ مِنَ النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ وَالتَّرْصِيفِ وَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ جَمِيعِ وُجُوهِ النَّظْمِ الْمُعْتَادِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَمُبَايِنٌ لِأَسَالِيبِ خِطَابَاتِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَلِهَذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ مُعَارَضَتُهُ

الصفحة 98