كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى (اسم الجزء: 2)

ومراكش وَهُوَ أَوسط بِلَاد الْمغرب الْأَقْصَى وأبعدها عَن الثنايا المفضية إِلَى القفار لإحاطة جبل الدَّرن بهَا فَلم ييمموا بعْدهَا قفرا وَلَا أبعدوا رحْلَة
وَاعْلَم أَن هذَيْن البسيطين يسميان الْيَوْم فِي عرف عَامَّة أهل الْمغرب بالغرب والحوز فالغرب عبارَة عَن بِلَاد الهبط وأزغار وَمَا فِي حكمهَا والحوز عبارَة عَن بِلَاد تامسنا وَمَا اتَّصل بهَا إِلَى مراكش فَكَانَ لرياح بِلَاد الْمغرب وَكَانَ لجشم بِلَاد الْحَوْز
ثمَّ أعلم أَيْضا أَن قَبيلَة ريَاح هم بَنو ريَاح بن أبي ربيعَة بن نهيك بن هِلَال بن عَامر بن صعصعة وهم بطُون كَثِيرَة وجلهم قد بَقِي بِأَرْض إفريقية وَالَّذين انتقلوا مِنْهُم إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى كَانَ رئيسهم فِي ذَلِك الْعَصْر مَسْعُود بن سُلْطَان بن زِمَام الذوادي من بني ذواد بن مرداس بن ريَاح فَأَقَامَ مَعَهم مُدَّة ثمَّ جمع جمَاعَة من قومه وفر إِلَى إفريقية وَذَلِكَ فِي حُدُود التسعين وَخَمْسمِائة وأبدأ وَأعَاد هُنَالك فِي الإجلاب مَعَ الثوار إِلَى أَن هلك فِي بعض تِلْكَ الْمدَّة
وَأقَام الْبَاقُونَ بعد فرار كَبِيرهمْ مَسْعُود الْمَذْكُور بِبِلَاد الهبط وأزغار إِلَى أَن انقرضت دولة الْمُوَحِّدين وَكَانَ عُثْمَان بن نصر رئيسهم أَيَّام الْمَأْمُون الموحدي وَقَتله سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
وَلما تغلب بَنو مرين على ضواحي الْمغرب ضرب الموحدون على ريَاح هَؤُلَاءِ الْبَعْث مَعَ عساكرهم فَقَامُوا بحماية ضواحيهم وانضم إِلَيْهِم بَنو عَسْكَر بن مُحَمَّد المرينيون حِين خالفوا إخْوَانهمْ بني حمامة بن مُحَمَّد سلف الْمُلُوك مِنْهُم فَكَانَت بَين الْفَرِيقَيْنِ جَوْلَة قتل فِيهَا عبد الْحق بن محيو بن أبي بكر بن حمامة أَبُو الْمُلُوك المرينيين وَقتل مَعَه ابْنه إِدْرِيس فأوجدت ريَاح السَّبِيل لبني مرين على أنفسهم فِي طلب الثأر فأثخنوا فيهم بعد أَن ملكوا الْمغرب واستلحموهم قتلا وسبيا مرّة بعد أُخْرَى
وَكَانَ آخر من أوقع بهم السُّلْطَان أَبُو ثَابت المريني سنة سبع وَسَبْعمائة تتبعهم بِالْقَتْلِ إِلَى أَن لَحِقُوا برؤوس الهضاب وأسنمه الرِّبَا المتوسطة فِي

الصفحة 169